المنشورات

أمن دمنة جرت بها ذيلها الصبا ... لصيداء -مهلاً- ماء عينيك سافح

2 - [ديار التي هاجت خبالاً لذي الهوى ... كما هاجت الشأو البروق اللوامح]
يريد: أماء عينيك "سافح" أي: سائل من أجل دمنة جرت بها ذيلها الصبا! ثم قال: "مهلاً" أي: كف، لا تبك.
و"ذيل الريح": مآخيرها. وقوله: "لصيداء" يريد: ألدمنة لصيداء.
3 - بحيث استفاض القنع غربي واسط ... نهاء ومجت في الكثيب الأباطح
قوله: "استفاض" يريد: اتسع وأخصب. و"القنع": مكان ترتفع نواحيه، ويتهبط وسطه. و"النهاء": الغدران، واحدها نهي. و"الأباطح": بطون الأودية. ويروى: "استراض" أي: صار رياضاً. و"يمجه": يدفعه فيه. و"القنع": قيل اللوى من الرمل حيث يرق وينقطع.
4 - حدا بارح الجوزاء أعراف موره ... بها وعجاج العقرب المتناوح
"حدا": ساق. و"البارح" من الرياح، تهب عند طلوع الجوزاء بشدة. 17 أ/ و"أعراف موره": أوائله. و"المور": التراب الدقيق. و"العجاج": ريح بغبار. و"المتناوح": أن تهب هذه من ها هنا، وهذه من ها هنا، يستقبل بعضها بعضاً.
5 - ثلاثة احوال وحولاً وستة ... كما جرت الريط العذارى الموارح
يقول: جرت بها ذيلها الصبا "ثلاثة أحوال وحولاً وستة": فهذه عشر سنين. "كما جرت الريط العذارى الموارح": يعني التي بها مرح. يقول: هذه الرياح تجر ذيلها كما تجر هذه العذارى ذيلها. و"الريط": كل ملاءة لم تلفق فهي ريطة.
6 - جرى أدعج الروقين والعين واضح الـ ... ـقرا أسفع الخدين بالبين بارح
"جرى"، يعني الثور. و"أدعج الروقين" يريد: أسود القرنين والعين. ثم قال: "واضح القرا" أي: أبيض الظهر. و"أسفع الخدين" أي: في خديه سفعة، أي: سواد. وقوله: "بالبين بارح": فالبارح: كل ما أتاك عن يسارك فولتى ميامنه ميامنك. والسانح: الذي يأتيك عني مينك فتلي مياسره مياسرك. فأهل نجد يتشاءمون بالبوارح، ويتيمنون بالسوانح، وأهل الحجاز يتشاءمون بالسوانح، قال أبو ذؤيب:
زجرت لها طير السنيح فإن يكن ... هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها
7 - بتفريق طيات تياسرن قلبه ... وشق العصا من عاجل البين قادح
يريد: جرى هذا الثور بتفريق طيات. و"الطية": النية، والوجه الذي تريده، و"تياسرن قلبه" يريد: اقتسمنه مثل الميسر. و"شق العصا": فرق 17 ب/ الجماعة. "قادح": وهو أكل يقع في العصا فضربه مثلاً. و"البين": الفرقة.
8 - غداة امترى الغادون بالشوق عبرة ... جموماً لها في أسود العين مائح
قوله: "غداة امترى الغادون عبرة"، أي: استدروا عبرة، وأصل "المري": أن يمسح ضرع الناقة حتى تدر. و"جموماً": قد جمت، أي: اجتمع لها في العين حزن، فهو يمري ذلك الماء ويميحه، وأصل "الميح": أن تغرف من البئر بيدك.
9 - لعمرك والأهواء من غير واحد ... ولا مسعف، بي مولعات سوانح
قوله: "والأهواء من غير واحد" يقول: ليس هي من باب واحد ولا من وجه واحد، هي تجيء من ضروب. وقوله: "ولا مسعف": موضع "ولا" موضع "غير". أراد: من غير واحد، وغير مسعف. أي: لا يدنو. ثم قال: "بي مولعات" أي هن مولعات بي، تشق علي الأهواء. و"سوانح": عوارض، "تسنح": تعرض.
10 - لقد منح الود الذي ما ملكته ... على النأي مياً من فؤادك مانح
يقول: أعطى الله مياً وداً من فؤادك ما ملكته، هو قدر من الله لم تملكه. و"مانح": فاعل، يريد: لقد منح الود مانح.
11 - وإن هوى صيداء في ذات نفسه ... بسائر أسباب الصبابة راجح
يقول: هواها وحده يرجح بسائر أهواء الصبابة. وقوله: "في ذات نفسه". أي: في نفسه. و"أسباب الصبابة": سبلها. و"الصبابة": رقة الشوق.
18 أ 12 - لعمرك ما أشواني البين إذ غدا ... بصيداء مجذوذ من الوصل جامح
قوله: "ما أشواني" يقول: أصاب مقتلي. و"البين" التزايل والفرقة، ثم قال: "مجذوذ من الوصل" يعني: البين، أنه قطع من الوصل فذهب بها، بصيداء، جمح بها كما تجمح الدابة، تمر على وجهه. أي: إنما كان حبلاً موصولاً فانقطع، فضربه مثلاً للبين.
13 - ولم يبق مما كان بيني وبينها ... من الود إلا ما تجن الجوانح
"الجوانح": الضلوع القصار في الصدر مما يلي الفؤاد. فيقول: لا أستطيع أن أزور، ولا أتكلم إلا بما في الصدر.
14 - وما ثغب باتت تصفقه الصبا ... قرارة نهي أتأقته الروائح
"الثغب": الغدير العذب. و"تصفقه الصبا" أي: تردده وتضربه. وقوله: "قرارة نهي" أي: باتت الصبا تصفقه في "قرارة نهي"، أي: حيث يستقر الماء. و"النهي": الغدير، وإنما سمي غديراً لأن السيل غادره، أي: خلفه. و"أتأقته": ملأته. و"الروائح": سحائب تروح.
15 - بأطيب من فيها، ولا طعم قرقف ... برمان لم ينظر بها الشرق صابح
يريد: وما ثغب بأطيب من فيها وأعذب، ولا طعم خمر "برمان": وهو موضع. "لم ينظر بها الشرق صابح" يقول: الذي اصطبحها لم ينتظر أن تطلع الشمس.
1 ب 16 - أصيداء هل قيظ الرمادة راجع ... لياليه أو أيامهن الصوالح
يقول: هل ذلك القيظ الذي قظناه بالرمادة راجع؟ .. لأنه رأى فيه ما يسره.
17 - سقى دارها مستمطر ذو غفارة ... ركام تحرى منشأ العين رائح
"مستمطر": سحاب يسترزق الله منه. وقوله: "ذو غفارة"، يقول: لهذا السحاب لباس يغفره، أي: سحاب فوق سحاب، وإنما سمي المغفر مغفراً من ذلك، لأنه يغطي القفا، يغفره. و"ركام": بعضه على بعض. و"تحرى منشأ العين"،أي: تحرى ذلك السحاب من منشأ العين. و"رائح": يروح. أي: تحرى ذلك السحاب حيث نشأ من قبل "العين" و"العين": ما عن يمين قبلة العراق.
18 - هزيم كأن البلق مجنوبة به ... يحامين أمهاراً فهن ضوارح
"هزيم"، أي: في صوت رعده، يقال: سمعت هزمة الرعد. وقوله: "كأن البلق مجنوبة به" يريد: كأن الخيل البلق مربوطة في ذلك الغيم، والمعنى: كأن البرق الذي فيه رمح، أي: البلق يحامين أمهاراً، فهن يضربن بأرجلهن، أي يحمين أمهارهن، فهن "ضوارح": يضربن بأرجلهن، فيستبين بياض بطونهن، فكذلك إذا برقت البرقة استبان بياض الغيم.
19 - إذا ما استدرته الصبا أو تذأبت ... يمانية أمرى الذهاب المنائح
19 أ/ ويروى: "تمري الذهاب منائح". يقول: إذا ما استدرت الصبا السحاب، أو تذأبت "يمانية": يعني الريح الجنوب. وأصل "التذؤب": أن تجيء من كل وجه. وقوله: "أمرى الذهاب المنائح": "الذهاب": المطر [الضعاف]. و"المنائح": يقول: هذه الأمطار منائح من الله أعطاناها، والواحدة: منيحة. ومعنى "أمرى الذهاب"، أي: صارت مرياً. ويقال: أمرت ناقتك، إذا صارت مرياً تدر على المسح قال لبيد يعني بقرة:
كأنها بالغمير ممرية ... تبغي بكثمان جؤذراً عطبا
ومن روى: "تمري الذهاب منائح" ضربه مثلاً، فصير المنائح كأنها إبل تمري اللبن، والأول أجود، وهو قول الأصمعي. يقول: منحناها الله، جعلها لنا سقياً. وأصل "المنيحة": الناقة تعار فيشرب لبنها.
20 - وإن فارقته فرق المزن شايعت ... به مرجحنات الغمام الدوالح
يريد: وإن فارقت هذا الغيم "فرق المزن": وهو ما تفرق من السحاب عن السحاب. وقوله: "شايعت به مرجحنات"،أي: دعته مرجحنات الغمام، وهذا مثل. والمرجحنات من السحاب لا تدعو السحاب إلا أن السحاب انضم إليها، فكأنها دعته. و"المرجحنات": الثقال من السحاب. و"الدوالح": يمررن مثقلات من كثرة الماء.
21 - عدا النأي عن صيداء حيناً، وقربها ... لدينا- ولكن لا إلى ذاك- رابح
قوله: "عدا النأي" أي صرف وجوهنا عن صيداء، ومنه: "عداني عنه كذا وكذا" أي: صرفني. ثم قال: "وقربها لدينا رابح" أي: ذو ربح، ولكن لا إلى ذاك سبيل.
19 ب 22 - سواء عليك اليوم أنصاعت النوى ... بصيداء أم أنحى لك السيف ذابح
"انصاعت النوى"، أي: انشقت وذهبت بها النية إلى مكان بعيد. "أم أنحى لك السيف ذابح"، يريد: أم قصد لك ذابح، فهو سواء عليك.
23 - ألا طالما سؤت الغيور، وبرحت ... بي الأعين النجل المراض الصحائح
قوله: "سؤت الغيور" أي: جدعت أنفه، وسؤته فيما يرى. "وبرحت بي الأعين النجل المراض": فـ "النجل": الواسعة. يقال: "عين نجلاء". و"المراض": فيها استرخاء وهي صحاح. "وبرحت": شقت علي، وبلغت مني.

24 - وساعفت حاجات الغواني، وراقني ... على البخل رقراقاتهن الملائح
"ساعفت"، أي: دانيت، جعلت أقاربها. "وراقني": أعجبني على بخلهن "رقراقاتهن": و"الرقراقة": التي كان الماء يترقرق في وجهها، كأنه يجيء ويذهب. وقوله: "على البخل": أراد: على أنهن لا يبذلن.
25 - وسايرت ركبان الصبا، واستفزني ... مسرات أضغان القلوب الطوامح
قوله: "وساير ركبان الصبا، يقول: جريت مع أهل الفتوة والصبا. "واستفزني": استففني. "مرات 20 أ/ أضغان القلوب"، يقول: في قلوبهن أمر قد خبأنه، وصير الضغن الهوى. و"الطوامح": يطمحن بأعينهن إلى الرجال، وليست أعينهن بسواكن على أزواجهن.
26 - إذا لم نزرها من قريب تناولت ... بنا دار صيداء القلاص الطلائح
يريد: تناولت بنا القلاص دار صيداء، أي: طلبتها. و"الطلائح": المعييات.
27 - محانيق ينفضن الخدام كأنها ... نعام، وحاديهن بالخرق صادح
"محانيق": ضمر. و"الخدام": سيور تشد بها النعال إلى الرسغ. و"صادح": صائح متطرب.
28 - وهاجرة غراء ساميت حدها ... إليك وجفن العين بالماء سائح
"الهاجرة": عند زوال الشمس. و"غراء": بيضاء. و"حدها": أشدها. و"ساميت": علوت. و"سائح". جار.
29 - وتيه خبطنا غولها وارتمى بنا ... أبو البعد من أرجائه المتطاوح
"خبطناه" أي: ركبناه خبطاً بغير هدى. و"غولها": بعدها "وارتمى بنا أبو البعد" أي: أعظم البعد، ويترامى ها هنا وها هنا و"أرجاؤه": نواحيه.
30 - فلاة لصوت الجن في منكراتها ... هزيز وللأبوام فيها نوابح
"هزيز": صوت مثل صوت الرحى. وقوله: "في منكراتها" أي: فيما لا يعرف منها. 20 ب/ و"نوابح": يريد للأبوام فيها أبوام "نوابح": صواحب يجبنها، يقال: "نبح البوم": إذا صاح.
31 - إذا ما ارتمى لحياه ياءين قطعت ... نطاف المراح الضامنات القوارح
"ياءين": زجر وحداء. و"لحياه": لحيا الحادي، يقول. فإذا سمعن الزجر قطعن أبوالهن، وهي "النطاف". و"المراح": المرحة. و"الضامنات": اللواتي ضمن أولادهن، أي: حملن. و"القوارح": اللواتي استبان حملهن من الإبل. ناقة قارح.
32 - عبورية غراء يرمي أجيجها ... ذوات البرى والركب، والظل ماصح
"عبورية": يعني الهاجرة، نسبها إلى "الشعرى العبور": وهي التي جازت المجرة. وذلك في أشد الحر. و"ماصح": ذاهب. و"أجيجها": توهجها، وإنما يذهب الظل عند الزوال.
33 - ترى الناعجات الأدم ينحى خدودها ... سوى قصد أيديها سعار مكافح
"النعاجات": البيض من الإبل. وقال الأصمعي: هي التي تسبق النعاج، يعني: بقر الوحش. وقوله: "ينحى خدودها سعار" يقول: السعار يحرف خدودها في ناحية سوى قصد أيديها، وذلك من شدة وهج الشمس. و"السعار": شدة الحر. و"مكافح": مقابل، ويقال: مقاتل.
34 - لظى تلفح الحرباء حتى كأنه ... أخو جرمات بز ثوبيه شابح
21 أ/ يقول: كأن الحرباء "أخو جرمات" أي: كأنه أخذ في عمل سوء، فقد مد ليجلد، وذلك أنه انتصب على الشجرة، ومد يديه، فكأنه أخذ في جرم، فقد مد ليجلد. و"الشابح": الماد، فكأنه مد ليجلد.
35 - إذا ذات أهوال ثكول تغولت ... بها الربد فوضى والنعام السوارح
"ذات أهوال": أرض فيها أهوال. "تغولت": تلونت مرة كذا ومرة كذا. و"ثكول": يهلك فيها الناس تشكلهم. ثم قال: "بها الربد فوضى": و"الربد": النعام التي تضرب إلى الغربة والسواد. و"فوضى": مرسلة بعضها مع بعض، مختلطة. و"السوارح": التي "تسرح" أي: ترعى.
36 - تبطنتها والقيظ ما بين جالها ... إلى جالها ستراً من الآل ناصح
"تبطنتها"، أي: سلكت في بطنها لا في نواحيها. و"الجال": الجانب. وأراد: "والقيظ ناصح ستراً" أي: خائط ما بين جالها إلى جالها. ويريد: ستراً من الآل. يقال: "نصحت الثوب" أي: خطته، فضربه مثل للآل.
37 - بمقورة الألياط عوج من البرى ... تساقط في آثارهن السرائح
يريد: تبطنتها بناقة ضامرة الألياط. و"الليط": الجلد. و"عوج البرى"، أي: أعناقها في ناحية من البرى. و"السرائح": الواحد "سريح": وهو قد يشد به النعل.
38 - نهزن العنيق الرسل حتى أملها ... عراض المثاني والوجيف المراوح
21 ب/ "نهزن" أي: حركن. و"العنيق": السير. و"الرسل": اللين. وقوله: "أملها عراض المثاني، يريد: معارضة الجدل في السير. و"الوجيف": ضرب من السير عال. و"المراوح": بعضه في إثر بعضن أي: يراوحها، يجيء شيء بعد شيء من الوجيف. و"المثاني": هي الجدل، والواحد: مثناة، و"المثاني": الحبال.
39 - وترجاف ألحيها إذا ما تنصبت ... على رافع الآل التلال الزراوح
يريد: وأملها أيضاً "ترجاف ألحيها": وهو اضطراب ألحيها في السير. وقوله: "إذا ما تنصبت التلال الزراوح": وهي الصغار، على ما رفعها من الآل، وذلك أن الآل يرفعها.
40 - وطول اغتماسي في الدجا كلما دعت ... من الليل أصداء المتان الضوابح
يريد: أملها أيضاً طول اغتماسي في الليل، وهو "الدجا": وهو ما ألبس من سواد الليل. و"أصداء المتان": الواحد: صدى، وهو طائر. و"المتن من الأرض": ما غلظ وارتفع.
41 - وسيري وأعراء المتان كأنها ... إضاء أحست نفح ريح ضحاضح
يقول: وأملها "سيري وأعواء المتان": يقول: عريت فليس فيها نبت ولا شيء، فهي من السراب كأنها "إضاء" أي: غدران. "ضحاضح": قليل يقال: "ماء ضحضاح": إذا كان رقيقاً قليلاً. وقوله: "أحست نفح ريح": يقول: السراب كأنه غضاء ماء أحست ضحضح، فهي تتحرك.
22 أ 42 - على حميريات كأن عيونها ... ذمام الركايا أنكزتها المواتح
قوله: "على حميريات" يعني: إبلا نسبها إلى حمير. "كأن عيونها ذمام الركايا": يقال: "بئر ذمة": إذا كانت قليلة الماء، والذمام للجميع، فيقول: قد غارت عيونها فكأنها آبار قليلات الماء. و"أنكزتها": أخرجت ما فيها. "المواتح": "الماتحة":
الناقة التي تستقي، والمرأة ماتحة.
43 - محانيق تضحي وهي عوج كأنها ... يجوز الفلا مستأجرات نوائح
"محانيق"، أي: ضمر. "وهي عوج": من الهزال. "كأنها بجوز الفلا"، أي: بوسط الفلا، نساء نواتح مستأجرات في في مرهن وتحريكهن.
44 - موارق من داج حدا أخرياته ... - وما بتن- معروف السماوة واضح
"موارق": - يعني الإبل- نوافذ. يقال: "مرق السهم من الرمية": إذا نفذ. "من داج": من ليل ملبس بسواد. و"حدا أخرياته معروف السماوة" يقول: ساق أخريات الليل "معروف السماوة"، أي: معروف الشخص، وهو الصبح. "واضح": أبيض. وقوله: "ومايتن": أي: أنهن يسرن.
45 - تراءى كوجه الصدع في منصف الصفا ... بحيث المها والملقيات الروازح
"تراءى"، يعني: الصبح كالصدع في الصفا. ثم قال: "بحيث المها" أي: وترى الصبح بحيث تكون المها "والملقيات": اللواتي سقطن من الإعياء، أي: حيث الإبل قد سقطت تراءى الصبح أيضاً بهذه المواضع. و"الرازح": الذي قد سقط من الإعياء.
46 - تجلى السرى عني وعن شدنية ... طواء يداها للفلا وهو نازح
"تجلى السرى" أي: ينكشف الليل عني وعن ناقتي. و"السرى": سير الليل. و"طواء يداها للفلا"، أي: تطويان الفلا. والفلا "نازح"، أي: بعيد.
47 - إذا انشقت الظلماء أضحت كأنها ... وأي منطو باقي الثميلة قارح
يقول: أضحت الناقة وكأنها حمار شديد. و"منطو": ضامر. و"الثميلة": ما بقي في جوفه من العلف، فيقول: الثميلة باقية لا تنهضم سريعاً. وهو قارح في سنه. وقوله: "إذا انشقت الظلماء" يقول: إذا أصبح لم ينكسر من التعب، ولكنه يصبح كأنه حمار وحشي شديد باقية ثميلته.
48 - من الحقب لاحته برهبى مربة ... تهز السفى والمرتجات الروامح
يقول: هذا الحمار من الحقب. و"الأحقب": الذي في موضع الحقيبة منه بياض. و"لاحته": أضمرته. و"رهبى": موضع. "مربة": ريح ثابتة حارة، فهي لاحته. و"تهز السفى" أي: تحركه. و"السفى": شوك البهمى و"المرتجات": الأتن الحوامل، لأنهن أرتجن أرحامهن على حمل، يريد: أغلقن، فهن يرمحنه، لأنهن قد حملن فلا يقررن له.
49 - رعى مهراق المزن من حيث أدجنت ... مرابيع دلوياتهن النواضح
يقول: هذا الحمار رعى "مهراق المزن" يريد: حيث انصب المزن: وهو السحاب. 23 أ/ وقوله: "من حيث أدجنت مرابيع" أي: مطرت المرابيع يوماً أو يومين بندى ورش. و"المرابيع":
من السحاب، بمنزلة المرابيع من الإبل، وهي التي تحمل في أول الربيع وتنتج. و"النواضح": السواقي، كالناضح من الإبل، الذي يسقي.
50 - جدا قضة الآساد وارتجزت له ... بنوء السماكين الغيوث الروائح
"الجدا": المطر العام. وقوله: "قصة الآساد" يريد: عند انقضاض الأسد. و"الروائح": التي تروح.
51 - عناق فأعلى واحفين كأنه ... من البغي للأشباح سلم مصالح
أي: رعى "عناق": وهو موضع، وكذلك أعلى واحفين. وقوله: "كأنه من البغي"، أي: من طلبه الشخوص سلم مصالح. أي: إنما همته من أين يطلع الشبح، لا يفزع، كأنه سلم للأشباح، لأنه في قفر ليس فيه أحد، فإذا رأى شخصاً نظر إليه.
52 - يصادي ابنتي قفر عقيماً مغارة ... وطيى أجنت فهي للحمل ضارح
أي: يصادي هذا الفحل أتانين، و"المصاداة": المداراة والموافقة. "عقيماً مغارة" أي: مفتولة الخلق. و"طيى": مطوية البطن، وتكون مطوية على ما في بطنها، أي: هي حامل. وقوله: "أجنت"، "فهي للحمل تضرح" أي: ترمح حين حملت.
53 - نحوصين حقباوين غار عليهما ... طوي البطن مسحوج المقذين سابح
"مسحوج": من السحج، أي: معضوض. و"المقذ": في مؤخر القفا، وهو من الإنسان، مجرى الجلم من مؤخر الرأس، يريد: مقص الشعر. و"سابح": في عدوه، يدحو بيديه دحواً.
2 ب 54 - إذا الجازئات القمر أصبحن لا يرى ... سواهن أضحى وهو بالقفر باجح
"الجازئات": اللواتي اكتفين بالبقل عن الماء. و"باجح": مسرور.
55 - تتلين أخرى الجزء حتى إذا انقضت ... بقاياه والمستمطرات الروائح
"تتلين" أي: تتبعن أخرى الجزء. و"المستمطرات": الحائب يستمطرن، فيقول: المطر قد انقطع، و"الروائح": يرحن عشياً.
56 - دعاهن من ثاج فأزمعن ورده ... أو الأصهبيات العيون السوائح
"ثاج والأصهبيات": ماءان. أي: دعاهن العيون "السوائح": التي تجري على وجه الأرض. وهو السيح، أراد: دعاهن العيون السوائح من هذين الماءين، يقول: لما انقطع الجزء طلبن الماء.
57 - فظلت بأجماد الزجاج سواخطاً ... صياماً تغني تحتهن الصفائح 
"الأجماد": واحدها جمدة، وهي الأرض الغليظة المرتفعة. و"سواخط"، أي: سخطن المرتع، و"الصفائح": الحجارة الفطح العراض.
58 - يعاورن حد الشمس خزراً كأنها ... قلات الصفا عادت عليها المقادح
قوله: "يعاورن حد الشمس"، أي ينظرن إليها مرة، ويصددن عنها مرة. و"خزر": تنظر في جانب من شدة الحر. "كأنها قلات الصفا" أي: قد غارت عيونهن فكأنها "قلات": وهي النقر في الصفا، الواحد: 24 أ/ قلت. وقوله: "عادت عليها المقادح" أي: كرت عليها "المقادح": التي يغرف بها الماء، الواحد: مقدح، وهو الإناء.
59 - فلما لبسن الليل أو حين نصبت ... له من خذا آذانها وهو جانح
"لبسن الليل" أي: دخلن فيه وقوله: "أو حين نصبت * له من خذا آذانها" يريد: نصبت آذانها لبرد الليل، كانت قد خفضتها، كانت منكبات الرؤوس، ثم رفعت رؤوسها ونصبت آذانها في ذا الوقت حين "جنح الليل" أي: دنا. و"الخذا": الاسترخاء.
60 - حداهن شحاج كأن سحيله ... على حافتيهن ارتجاز مفاضح
"حداهن": ساقهن. "شحاج": يشحج في صوته.
و"سحيله": نهيقه وصوته. فيقول: كأن نهيق هذا الحمار في ناحيتي هذه الأتن ارتجاز صوت فيه سباب وفضاح.
61 - يحاذرن من أدفى إذا ما هو انتحى ... عليهن لم تنج الفرود المشائح
يقول: الأتن يحاذرن من حمار "أدفى": فيه ميل. و"إذا ما هو انتحى" أي: مال عليهن وعطف. "لم تنج الفرود"، يقول: التي تنفرد لا تنجو، يدركها. "المشائح": وهو المحاذر، يعني التي تنفرد.
62 - كما صعصع البازي القطا أو تكشفت ... عن المقرم الغيران عيط لواقح
قوله: "كما صعصع البازي القطا" أي: كما حرك. "أو تكشفت"، يريد: أو 24 ب/ كما تكشفت. "عن المقرم" أي: عن الفحل. "عيط لواقح"، أي: طوال الأعناق. يقول: فهذا الحمار إذا انتحى على أتنه، تكشفن عنه كما تنكشف العيط عن هذا الفحل.
63 - فجاءت كذود الخاربين يشلها ... مصك تهاداه صحار صرادح
أي: جاءت هذه الحمر كذود الخاربين، أي: كذود لصين. "يشلها": يطردها. "مصك": يعني حماراً شديداً. و"تهاداه صحار" أي: ترمي به هذه إلى هذه. و"صرادح": أمكنة مستوية صلبة. شبه الحمار الفحل وهو يطرد أتنه بلصين قد سرق إبلاً فهما يطردانها.
64 - وقد أسهرت ذا أسهم بات طاوياً ... له فوق زجي مرفقيه وحاوح
يقول: هذه الحمر أسهرت صائداً ذا أسهم. و"بات طاوياً" أي: طاوي البطن جائعاً. و"الزج": طرف المرفق. فيقول: هذا الصائد هو بارك على مرفقيه، لا ينام من أجل الحمر. "وحاوح": صوت يقال له: وحوحة.
65 - له نبعة عطوى كأن رنينها ... بألوى تعاطته الأكف المواسح
"نبعة": قوس. و"عطوى": تعطيه ما عندها.
"كأن رنينها"، أي: صوتها. "بألوى": بالوتر. و"تعاطته الأكف": مسحته ولينته.
66 - تفجع ثكلى بعد وهن تخرمت ... بنيها بأمس الموجعات القرائح
يريد: كأن رنين هذه القوس "تفجع ثكلى" أي: توجع .. و"تخرمت 25 أ/ بنيها" يريد: اخترمتهن "الموجعات": وهي المنايا. و"قرائح": تقرح قلوبهن هذه المنايا.
67 - أخا شقوة يرمي على حيث تلتقي ... من الصفحة اليسرى صحار وواضح 
قوله: "أخا شقوة": يعني الصائد، "يرمي حيث تلتقي صحار وواضح من الصفحة اليسرى" أي: حيث يجتمع ذا وذا عند الفريصة مما يلي الجانب الأيسر. وإنما اختار الأيسر لأن الفؤاد من الجانب الأيسر. و"صحار": حمرة إلى بياض. و"واضح": بياض، وهو ما وضح حيث يلتقي على مقط الجنب، يريد: بين بياض البطن وصحوة الظهر، وهو لون الحمار.
68 - فلما استوت آذانها في شريعة ... لها عيلم للبتر فيها صوائح
يقول: صففن آذانهن واستوين حين شرعن يشربن. و"عيلم": غزيرة، وهي عين. و"للبتر": يريد للضفادع صوائح.
69 - تنحى لأدناها فصادف سهمه ... بخاطئة من جانب الكيح ناطح
يقول: تنحى الصائد، أي: تحرف ليرمي، فلما رمى صادف سهمه "ناطح من جانب الكيح" أي: أصابه أمر شديد لما أخطأ، ولو وقع سهمه في اللحم لأصابه لين وسهولة. ولم يصبه ناطح و"الكيح": جانب الجبل. وقوله: "بخاطئة" يريد: برمية ذات خطأ.
70 - فأجلين إن يعلون متناً يثرنه ... أو الأكم ترفض الصخور الكوابح
25 ب/ أي: "أجلين"، يعني الحمر، انكشفن من الصائد. "إن يعلون متناً ترفض الصخور": أي: تكسر. و"الكوابح": الصواك، يقال: "كبحه": إذا صكة. و"المتن": ما غلظ من الأرض وارتفع. وموضع "ترفض" جزم لأنه جواب إن يعلون.
71 - يُنَصِّبْنَ جوناً من عبيط كأنه ... حريق جرت فيه الرياح النوافح
"ينصبن" أي: يرفعن غباراً. "جوناً": يضرب إلى السواد. وقوله: "من عبيط": وهو التراب الذي قد ظهر من غير أن يكون حفر ترابه قبل ذلك، "هن عبطنه" أي: أثرنه. وكذلك "العبيط" من الإبل: البعير الذي ينحر من غير علة. ويقال للرجل: "قد اعتبط": إذا مات صحيحاً من غير مرض. وقد "عبط الثوب": إذا شقه وهو جديد من غير أن يكون قد أخلق.
72 - فأصبحن يطلعن النجاد وترتمي ... بأبصارهن المفضيات الفواسح
يعني: الحمر، إنهن يطلعن "النجاد": والواحد نجد، وهو ما ارتفع من الأرض، و"المفضيات": الصحاري. و"الفواسح": الواسعة.








مصادر و المراجع :

١- ديوان ذي الرمة شرح أبي نصر الباهلي رواية ثعلب

المؤلف: أبو نصر أحمد بن حاتم الباهلي (المتوفى: 231 هـ)

المحقق: عبد القدوس أبو صالح

الناشر: مؤسسة الإيمان جدة

الطبعة: الأولى، 1982 م - 1402 هـ

عدد الأجزاء: 3 (في ترقيم مسلسل واحد)

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید