المنشورات

إيقاع امرئ القيس ببني أسد:

ثم ارتحل امرؤ القيس حتى نزل بكرًا وتغلب، وعليهم إخوته شُرحبيل وسلَمة، فسألهم النصر على بني أسد. ثُمَّ بعث عليهم فنذروا بالعيون3، ولجئوا إلى بني كنانة وكان الذي أنذرهم بهم علباء بن الحارث. فلما كان الليل قال لهم علباء: يا معشر بني أسد تعلمون والله أن عيون امرئ القيس قد أتتكم ورجعت إليه بخبركم، فارحلوا بليل ولا تعلموا بني كنانة ففعلوا.
وأقبل امرؤ القيس بمن معه من بكر وتغلب، حتى انتهى إلى بني كنانة، وهو يحسبهم بني أسد، فوضع السلاح فيهم وقال: يا لثارات الملك! يا لثارات الهمام! فخرجت إليه عجوز من بني كنانة فقالت: أبيت اللعن لسنا لك بثأر، نحن من كنانة فدونك ثأرك، فاطلبهم فإن القوم قد ساروا بالأمس.
فتبع بني أسد ففاتوه ليلتهم فقال في ذلك:
ألا يا لهف هند إثر قوم ... هم كانوا الشفاء، فلم يصابوا1
وقاهم جَدُّهم ببني أبيهم ... وبالأشقين ما كان العقاب2
وأفلتهنَّ علباء جريضًا ... ولو أدركنه صَفِرَ الوطاب3
ثم سار وراء بني أسد سيرًا حثيثًا إلى أن أدركهم، وقد تقطعت خيله، وقطع أعناقهم العطش، وبنو أسد جامُّون4 على الماء. فنهد إليهم5، فقاتلهم حتى كثرت الجرحى والقتلى فيهم، وحجز الليل بينهم. وهربت بنو أسد. فلمَّا أصبحت بكر وتغلب أبوا أن يتبعوه وقالوا له: قد أصبت ثأرك.
قال: والله ما فعلت ولا أصبت من بني كاهل، ولا من غيرهم من بني أسد أحدًا. قالوا: بلى ولكنك رجل مشئوم. وكرهوا قتالهم بني كنانة وانصرفوا عنه.









مصادر و المراجع :

١- شرح المعلقات السبع

المؤلف: حسين بن أحمد بن حسين الزَّوْزَني، أبو عبد الله (المتوفى: 486هـ)

الناشر: دار احياء التراث العربي

الطبعة: الأولى 1423هـ - 2002 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید