المنشورات
ذهاب امرئ القيس إلى السموأل:
بعد أن طلّق امرؤ القيس أم جندب لتفضيلها شعر علقمة بن عبدة التيمي على شعره كما سيأتي في مكانه خرج من عند طيئ فنزل بعامر بن جوين، واتخذ عنده إبلًا، وعامر يومئذ أحد الخلعاء الفتَّاك1، قد تبرَّأ قومه من جرائره2، فكان عنده ما شاء الله ثم هم أن يغلبه على أهله وماله، ففطن امرؤ القيس بشعر كان عامر ينطق به وهو قوله:
فكم بالسعيد من هجان مؤبله ... تسير صحاحًا، ذات قيد، ومرسله3
أردت بها فتكًا فلم أرتضِ له ... ونهنهت نفسي بعدما كدت أفعله4
وكان عامر أيضًا يقول الشعر ويعرّض بهند بنت امرئ القيس.
قالوا: فلمَّا عرف امرؤ القيس ذلك منه خافه على أهله وماله، فتغفِّله وانتقل إلى رجل من بني ثُعل يقال له حارثة بن مر، فاستجاره. فوقعت الحرب بين عامر وبين الثعلي، فكانت في ذلك أمور كثيرة.
قال دارم بن عقال في خبره: فلما وقعت الحرب بين طيئ من أجله خرج من عندهم فنزل برجل من بني فزارة يقال له عمرو بن جابر بن مازن فطلب منه الجوار حتى يرى ذات غيبه، فقال له الفزاري: يابن حجر إني أراك في خلل من قومك, وأنا أنفس بمثلك من أهل الشرف. وقد كدت بالأمس تؤكل في دار طيئ وأهل البادية أهل بر لا أهل حصون تمنعهم، وبينك وبين اليمن ذؤبان من قيس، أفلا أدلك على بلد تلجأ إليه فقد جئت قيصر وجئت النعمان، فلم أرَ لضعيف نازل ولا لمجتهد مثله ولا مثل صاحبه.
قال: من هو وأين منزله؟
قال: السموأل بتيماء وسوف أضرب لك مثله: هو يمنع ضعفك حتى ترى ذات غيبك. وهو في حصن حصين وحسب كبير.
فقال له امرؤ القيس: وكيف لي به؟
قال: أُوصلكَ إلى من يوصلك إليه.
فصحبه إلى رجل من بني فَزارة يقال له الربيع بن ضبع الفزاري ممن يأتي السموأل، فيحمله ويعطيه.
ثم مضى القوم حتى قدموا على السموأل، فأنشده امرؤ القيس شعرًا وكان السموأل يحب الشعر فعرف له حقَّه، فأنزل هندًا ابنته في قبة أدَم، وأنزل القوم في مجلس له بَراح1، فكان عنده ما شاء الله.
مصادر و المراجع :
١- شرح المعلقات السبع
المؤلف: حسين بن
أحمد بن حسين الزَّوْزَني، أبو عبد الله (المتوفى: 486هـ)
الناشر: دار
احياء التراث العربي
الطبعة: الأولى
1423هـ - 2002 م
12 أبريل 2024
تعليقات (0)