المنشورات
فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ وَمُرْضعٍ ... فألْهَيتُها عن ذي تمائمَ مُحْوِلِ
خفض فمثلك بإضمار رُبّ، أراد فرب امرأة حبلى. الطروق: الإتيان ليلًا، والفعل طرق يطرق. المرضع: التي لها ولد رضيع، إذا بنيت على الفعل أنثت فقيل: أرضعت فهي مرضعة، وإذا حملوها على أنها بمعنى ذات إرضاع أو ذات رضيع لم تلحقها تاء التأنيث، ومثلها حائض وطالق وحامل، لا فصل بين هذه الأسماء فيما ذكرنا، وإذا حملت على أنها من المنسوبات لم تلحقها علامة التأنيث، وإذا حملت على الفعل لحقتها علامة التأنيث، ومعنى المنسوب في هذا الباب أن يكون الاسم بمعنى ذي كذا أو ذات كذا، والاسم إذا كان من هذا القبيل عَرَّته العرب من علامة التأنيث كما قالوا: امرأة لابن وتامر أي: ذات لبن وذات تمر، ورجل لابن تامر أي: ذو لبن وذو تمر، ومنه قوله تعالى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِه} [المزمل: 18] نص الخليل على أن المعنى: السماء ذات انفطار به، لذلك تجرد منفطر عن علامة التأنيث. وقوله تعالى: {لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ} [البقرة: 68] أي: لا ذات فرض، وتقول العرب: جمل ضامر وناقة ضامر، وجمل شائل1 وناقة شائل، ومنه قول الاعشى: [السريع] :
عهدي بها في الحي قد سربلت ... بيضاء مثل المهرة الضامر
أي: ذات الضمور، وقول الآخر: [مجزوء الكامل] :
وغررتنِي وزعمتِ أنَّكِ ... لابن في الصيف تامر
أي: ذات لبن وذات تمر؛ وقول الآخر: [الرجز] :
ورابَعَتني تحت ليل ضارب ... بساعد فَعْمٍ وكفٍّ خاضب
أي: ذات خضاب، وقال أيضًا: [الرجز] :
يا ليت أم العمر كانت صاحبي ... مكان من أمسى على الركائب
أي ذات صحبتي، وأنشد النحويون: [الطويل] :
وقد تخذت رجلي لدى جنب غرزها ... نسيفًا كأفحوص القطاة المطرق1
أي ذات الطريق، والمعول في هذا الباب على السماع إذ هو غير منقاد للقياس. لهيت عن الشيء ألهى عنه لهيًا إذا شغلت عنه وسلوت، وألهيته إلهاء إذا شغلته. التميمة: العوذة2، والجمع التمائم. يقال: أحول الصبي إذا تم له حول فهو محول؛ ويروى: عن ذي تمائم مُغْيِلِ؛ يقال: غالت المرأة ولدها تغيل غيلًا وأغالت تغيل إغيالًا إذا أرضعته وهي حبلى. ويروى: مرضع بالعطف على حبلى. ويروى: ومرضعًا على تقدير طرقتها. ومرضعًا تكون معطوفة على ضمير المفعول.
يقول: فربَّ امرأة حبلى قد أتيتها ليلًا وربّ امرأة ذات رضيع أتيتها ليلًا فشغلتها عن ولدها الذي علقت على العوذة وقد أتى عليه حول كامل، أو قد حبلت أمه بغيره فهي ترضعه على حبلها، وإنما خص الحبلى والمرضع؛ لأنهما أزهد النساء في الرجال وأقلهن شغفًا بهم وحرصًا عليهم، فقال: خدعت مثلهما مع اشتغالهما بأنفسهما فكيف تتخلصين مني؟ قوله: فمثلك، يريد به فرُبَّ امرأة مثل عنيزة في ميله إليها وحبه لها؛ لأن عنيزة في هذا الوقت كانت عذراء غير حبلى ولا مرضع.
مصادر و المراجع :
١- شرح المعلقات السبع
المؤلف: حسين بن
أحمد بن حسين الزَّوْزَني، أبو عبد الله (المتوفى: 486هـ)
الناشر: دار
احياء التراث العربي
الطبعة: الأولى
1423هـ - 2002 م
12 أبريل 2024
تعليقات (0)