المنشورات
لقد نسبوا الخيام إلى علاء ... أبيت قبوله كل الإباء
وهي على مذهب الخليل من أول الوافر, وعلى مذهب غيره من السحل الرابع.
الخيام في قول الأصمعي لا تكون إلا من الشجر, وهذا شيء أخذه عن الأعراب, وزعم أنها إذا كانت من غير الشجر فهي بيت, وهذا ضد ما عليه الناس اليوم, ولا ريب أنهم قد سموا هذه الأشياء المعروفة في العساكر خيامًا في الكلام القديم. والاشتقاق يدل على أن ذلك صحيح. والتخييم: الإقامة, فلما كانت هذه تستعمل عند النزول سميت خيمة, ويقال: خيام وخيم وخيم, قال المرقش: [السريع]
هل تعرف الدار عفا رسمها ... غير الأثافي ومبنى الخيم
وقال حسنان: [السريع]
ما هاج حسان رسوم المقام ... ومظعن الحي ومبنى الخيام
وقال النابغة الجعدي: [الطويل]
فلم يبق إلا آل خيمٍ منضدٍ ... وآس لدى سفعٍ ونؤي معثلب
والهمزة في العلاء منقلبة عن واو, كان أصله العلاو, فقلبت الواو همزة, وقبلها ألف زائدة. وكذلك تجري حالها في كل المواطن. وهمزة الإباء التي في آخرها منقلبة عن ياء, وأصله إباي, فقلب الياء للعلة التي قلبت لها الواو. والقبول يختارون فيه الفتح, ويزعمون أنه جاء شاذًا, فأما ضم القاف فهو القياس.
وقوله:
وما سلمت فوقك للثريا ... وما سلمت فوقك للسماء
فوقك هاهنا: يحتمل أن يكون على قوله: وما سلمت المكان الذي فوقك؛ فيكون, على هذا, كالصفة الموضوعة مكان الموصوف, كأنه قال: وما سلمت مكانًا فوقك, وأكثر ما يستعمل فوق ظرفًا, وقد أخرجوه إلى الأسماء, وأنشدوا بيتًا قد دخلت فيه الباء الخافضة على فوق. والشعر ينسب إلى عبد بني الحسحاس, وليس هو في ديوانه: [الطويل]
لقيت النساء الحارثيات غدوةً ... بوجه يراه الله غير جميل
فشبهنني كلبًا ولست بفوقه ... ولا دونه إن كان غير بخيل
وقوله:
وقد أوحشت أرض الشام حتى ... سلبت ربوعها ثوب البهاء
الشام: أصله الهمز, وتخفيفه جائز تجعل الهمزة ألفًا خالصة, فيكون مرة على وزن رأس ومرة على وزن مال, إلا أن ألفه غير منقلبة عن واو ولا ياء, ويدل على همزة في الأصل قولهم: أشأم الخليط إذا أخذ نحو الشام, وإذا نسبوا إليه قالوا: شامي بتشديد الياء, فهذا هو القياس. وشذ نسبه في قولهم: شامٍ, وهي ثلاثة أحرف جاءت بتخفيف الياء: شامٍ ويمانٍ وتهامٍ.
وأما قولهم: شآم, فتجيء في شعر المحدثين, وهي كلمة مرغوب عنها, وربما جاءت شاذة. قال الشاعر: [الطويل]
أتتنا قريش قضها بقضيضها ... وأهل الشآم والحجاز تقصف
نصب سيبويه قضها جعله موضوعًا موضع المصدر.
مصادر و المراجع :
١- اللامع العزيزي شرح
ديوان المتنبي
المؤلف: أبو
العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)
المحقق: محمد
سعيد المولوي
الناشر: مركز
الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
الطبعة: الأولى،
1429 هـ - 2008 م
18 أبريل 2024
تعليقات (0)