المنشورات

اخترت دهماءتين يا مطر ... ومن له في الفضائل الخير

وهي من المنسرح الأول.
قوله: ومن له في الفضائل الخير, موضع من نصب؛ لأنها تكون معرفةً ونكرةً, وهي هاهنا واقعة موقع النكرة؛ لأنها موصوفة بقوله: له في الفضائل الخير. والنكرة الموصوفة بابها النصب في النداء كأنه قال: يا ملكًا له في الفضائل الخير, وقال الشاعر في تنكير من: [السريع]
يارب من يبغض أذوادنا ... رحن على بغضائه واغتدين
وقال آخر:
ألا رب من قلبي له الله ناصح ... ومن قلبه لي في الظباء السوانح
والخير: جمع خيرةٍ, وقد قالوا: خيرة. فإذا جعلت جمع المتحركة الياء فهي مثل عنبةٍ وعنبٍ, وإن جعلت جمع التي ياؤها ساكنة فهي مثل سيرةٍ وسيرٍ, فأراد اخترت دهماء هاتين الفرسين.
وقوله:
وربما فالت العيون وقد ... يصدق فيها ويكذب النظر
استعار فالت للعين, وإنما يستعمل في الرأي, يقال: فال الرجل وفال رأيه؛ إذا أخطأ وضعف, يقول: ربما فالت العيون؛ أي: نظرت إلى الشيء فأعجبها وتفرست فيه الخير, ثم وجد على غير ذلك, يقال: فال الرجل فهو فائل وفال وفيل, قال الراجز:
إنما تميمًا كان شيخًا فائلا ... أنكح هند ابنة مر وائلا
فولدت خبلًا عليه خابلا ... عنزًا وبكرًا غلبا القبائلا
وتغلب الغلباء سما ثاملا
ثامل: من قولهم: مثمل إذا عمل وترك, وقال جرير: [الوافر]
رأيتك يا أخيطل إذ جرينا ... وجربت الفراسة كنت فالا
وقال الكميت: [الوافر]
بني رب الجواد فلا تفيلوا ... فما أنتم فنعذركم لفيل
وقوله:
أنت الذي لو يعاب في ملأ ... ما عيب إلا بأنه بشر
البشر: يقع على الواحد والجمع, وفي الكتاب العزيز: {نذيرًا للبشر}؛ أي: لجمع الخلق, وفيه: {ما هذا بشرًا}؛ أي: ما هذا إنسانًا. والبشرة, ظاهر الجلد. وقال قوم: يقال لباطنه: بشرة. وقالوا: بشر الرجل واستبشر وأبشر؛ إذا ظهر فيه سرور فحسنت بشرته.
وقوله:
وأن إعطاءه الصوارم والخيـ ... ـل وسمر الرماح والعكر
وقوله: وأن إعطاءه عطف على قوله: بأنه, وهذا المعنى يحتمل وجهين:
أحدهما أن يريد أن هذا ليس بعيبٍ فيكون نحوًا من قول النابغة: [الطويل]
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
ونحو قول الآخر: [الطويل]
فتًى كملت أخلاقه غير أنه ... جواد فما يبقي من المال باقيا
والآخر: أن يكون غلا في وصف الممدوح, فجعله يشرف أن يكون من هذا البشر, ويكبر أن يعطي الصوارم والخيل, وأوقع المصدر هاهنا موقع العطاء, كأنه قال: وأن الذي يعطيه الصوارم والخيل. والعكر: جمع عكرةٍ, قيل: هي من الستين إلى المائة, وقيل: من السبعين, وقيل: ما زاد على المائة, والمراد أنها عدد كثير, وإن اختلفت العبارات.











مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید