المنشورات

بقية قومٍ آذنوا ببوار ... وأنضاء أسفارٍ كشرب عقار

وهي من ثالث الطويل.
البوار: الهلاك. ومنه: بارت السوق تبور إذا انقطع بيعها, وقالوا: رجل بور, وقوم بور؛ أي: فاسد هالك, وفاسدون هالكون, والجمع والواحد سواء. وفي الكتاب الكريم: {قومًا بورًا}. وروى عطاء بن أبي رباح, عن ابن عباس أن معنى قوله: بورًا: عميًا .. وليس هذا ببعيدٍ من القول الأول إذ كان عماهم مؤديًا إلى الهلاك والفساد, وقال ابن الزبعري: [الخفيف]
يا رسول المليك إن لساني ... راتق ما فتقت إذ أنا بور
فالذين ذهبوا إلى أن الفلك إذا أريد به الجمع يكون جمع فلكٍ إذا أريد به الواحد يحتمل مذهبهم أن يكون بور في الجمع واحده بور إذا كان موحدًا, وإنما ذهبوا إلى أن فلكًا مؤاخٍ لفعلٍ, وجرت العادة أن يجيء في الحرف الواحد هاتان اللغتان؛ كما قالوا: سقم وسقم, ورشد ورشد, فلما قالوا: أسد وأسد أجازواة أن يكون فلك جمعًا لفلكٍ؛ إذ عني به الواحد كأنهم قدروا أنه يقال: فلك وفلك, وإن لم يستعمل ذلك.
وقوله:
ولا تنكرا عصف الرياح فإنها ... قرى كل ضيفٍ بات عند سوار
رواية أهل الشام سوار, بكسر السين, يعنون به اسم رجل كان واليًا لبعلبك, وإنما سمي بالسوار من الحلي, وفيه لغات: سوار, وسوار, وإسوار, وأسوار, وعندهم أنه معرب, وقد جاء في الشعر الفصيح, قال الشاعر: [الطويل]
ألا طرقتنا في الظلام نوار ... فتاة عليها دملج وسوار
ومن أمثالهم: «لو ذات سوارٍ لطمتني»؛ أي: لو أن الكف اللاطمتي كانت ذات سوارٍ لهان ذلك علي. يقول ذلك إذا أسدى إليه سوءًا من هو خامل خسيس, قال الراجز: [الرجز]
والله لولا صبية صغار ... كأنما وجوههم أقمار
تضمهم من العتيك دار ... أخاف أن يمسهم إقتار
أو جارة تلطمهم أو جار ... أو لا طم بكفه إسوار
لما رآني ملك جبار ... ببابه ما وضح النهار
فأما الإسوار من أساورة الفرس فيراد به الرامي, ويقال: إنه سمي بذلك؛ لأن الأساورة كان من عادتهم أن يلبسوا الأسورة من الذهب. وفي الكتاب العزيز: {فلولا ألقي عليه أسورة من ذهبٍ}. فيجوز أن يكون جمع إسوارٍ, ودخلت الهاء بدلًا من الياء التي كانت في أساوير, ويجوز أن يكون جمع أسورة, ويحتمل أن يكون سوار اسم الرجل: مصدر قولهم ساوره سوارًا؛ أي: واثبه. وبعض البغداديين يروي: سوارٍ, بفتح السين, يريد جمع ساريةٍ من سواري المسجد, وحسن ذلك عندهم أن ذكر المسجد تقدم, والمعنى صحيح.













مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید