المنشورات

ترك مدحيك كالهجاء لنفسي ... وقليل لك المديح الكثير

(82/أ) وهي من الخفيف الأول.
المدح من قولهم: انمدحت الأرض إذا اتسعت, فكأن قولهم: مدحت الرجل إذا وسعت أمره. والهجاء من قولهم: هجوت الحرف فأنا هاجٍ, إذا تهجيته, كأنهم يريدون أن الهاجي بالشعر يبين شأن الرجل, ويفصل أمره, كما أن اللفظة إذا عمد لها بالهجاء بانت للقارئ ودل عليها الخط المسطور.
وقوله:
غير أني تركت مقتضب الشعـ ... ـر لأمرٍ مثلي به معذور
أصل الاقتضاب: الاقتطاع, وهو من القضب؛ أي: القطع, ومنه قولهم للسيوف: قواضب. وقالوا: اقتضب الناقة إذا اقتطعها من الإبل, فركبها عن غير رياضة, وهي القضيب, وجمعها قضب, قال الفرزدق أنشده ابن السكيت: [البسيط]
إن الطرماح يهجوني لأشتمه ... هيهات هيهات عيلت دونه القضب
والشعراء في هذا العصر يسمون الشعر الذي لا تشبيب له مقتضبا. ويجوز أن يكون أبو الطيب أراد بمقتضب الشعر ما هو مختصر ليس بكثير, أو يكون أراد بالمقتضب ما يقوله على البديه, ولا يروض فيه نفسه. فأما الوزن الذي يسميه الخليل: المقتضب فهو مثل قول القائل:
هل علي ويحكما ... إن لهوت من حرج
وقوله:
فسقى الله من أحب بكفيـ ... ـك وأسقاك أيهذا الأمير
إذا وصلت العرب أي في النداء بهذا لم يكن لهم بد من أن يجيئوا باسم فيه الألف واللام فهذا نعت لأي, والذي فيه الألف واللام نعت لهذا, ولا يقولون: يا أيهذا ويسكتون إلا عنده انقطاع نفس. قال ذو الرمة: [الطويل]
ألا أيهذا المنزل الدارس الذي ... كأنك لم يعهد بك الحي عاهد
وقال آخر: [الطويل]
ألا أيهذ الباخع الهم نفسه ... لشيء نحته من يديه المقادر













مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید