المنشورات

لام أناس أبا العشائر في ... جود يديه بالعين والورق

وهي من أول المنسرح.
أراد بالعين: الذهب, وقد يعبر بالعين عن الفضة الخالصة. والورق: الفضة, يقال: ورق وورق وقد قرئ بالوجهين, وقال بعضهم: ورق كما قالوا في كبد: كبد. ويقال للورق: رقة, حذفوا منه الواو, كما حذفوها من عدة؛ فلو صغرت رقة لقلت: وريقة, فرددت الواو.
وقوله:
قالوا ألم تكفه سماحته ... حتى بنه بيته على الطرق
يقول: جاد أبو العشائر بالذهب والورق, وكان ذلك كافيًا للناس, وقال لائموه: ألم يكفه بذله ما يغني به العلم فينالون به الكسوة والطعام وغيرهما من المرادات؛ حتى بنى بيته على الطرق؛ ليطعم من يرد عليه ويضيفه. والعرب تفتخر بكون بيوتها على الطرق, قال الشاعر: [الكامل]
أغشى الطريق بغبتي ورواقها ... وأحل في نشز الربى فأقيم
إن امرأ جعل الطريق لبيته ... طنبًا وأنكر حقه للئيم
وقوله:
فقلت إن الفتى شجاعته ... تريه في الشح صورة الفرق
الفتى هاهنا معنى به أبو العشائر؛ وذلك أبلغ من أن يكون الفتى شائعًا في الفتيان؛ لأنه إذا شاع فيهم كان أبو العشائر كواحدٍ منهم, وإذا خص بالفتوة فهو مميز من كل الفتيان. ووصفه بالشجاعة, وادعى أن شجاعته توهمه أنه يفرق من الشح فتريه صورة الفرق, فكأنه يقتل تلك الصورة.
وقوله:
بضرب هام الكماة تم له ... كسب الذي يكسبون بالملق
يريد أنه, على ما يلحق بالأعداء, محبوب كأنه يتملقهم؛ أي: يلين لهم الكلام.
وقوله:
كن لجة أيها السماح فقد ... آمنه سيفه من الغرق
يقول: كن أيها السماح كلجة البحر, فسيف هذا الممدوح يؤمنه من أن يغرق؛ فادعى أن سيفه يؤمنه من كل الحوادث, وهذا إفراط في المبالغة ومضاء الحد. وقافية هذه الأبيات من المتراكب, وهي ثلاثة أحرف متحركة بعدها ساكن كقوله: غريق وفرقي, والقافية عند الخليل قوله: نلغرقيي وتلفرقي.










مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید