وهي من البسيط الأول. ولم يزاحف أبو الطيب زحافًا تنكره الغريزة إلا في هذا الموضع, ولا ريب أنه قاله على البديه, ولو أن لي حكمًا في البيت لجعلت أوله: كم من نجيع؛ لأن رب تدل على القلة, وإنما يجب أن يصف كثرة سفكه دماء الأعداء, ويحسن ذلك أن رب جاءت في النصف الثاني, وهي ضد كم.
وقوله:
من يعرف الشمس لا ينكر مطالعها ... أو يبصر الخيل لا يستكرم الرمكا
يقال: استكرم الشيء إذا قال: هو كريم, واستعظمه إذا شهد له بالعظمة, والرمكة: أنثى البرذون, والبرذون: أصله أعجمي, وقد استعملته العرب, قال الراجز: [الرجز]
إن ابراذين إذا جرينه ... مع الجياد مرةً أعيينه
وقالوا: برذونة للأنثى, قال الشاعر: [الطويل]
برذونة بل البراذين ثفرها ... وقد شربت من آخر الصيف إيلا
والرمكة: لم تجئ في الشعر إلا أن تكون شاذةً؛ لأنها إذا جات في حشو البيت اجتمعت فيها أربعة أحرفٍ متحركة, وذلك مستثقل, وقد جاء جمعها في قول الراجز: [الرجز]
ضخم المقذين كبرذون الرمك
ويجوز أن تكون سميت رمكةً؛ لأنها ليس لها سرعة الجياد, فتكون مأخوذةً من قولهم: رمك بالموضع إذا أقام به, أرادوا أنها بطيئة الانتقال, وقافيتها من المتراكب, وهي قوله: ملكا, ويلزم الخليل أن يكون أول القافية الهاء من قوله: به إلى آخر البيت.
مصادر و المراجع :
١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي
المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)
المحقق: محمد سعيد المولوي
الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م
تعليقات (0)