المنشورات

ضيف ألم برأسي غير محتشم ... والسيف أحسن فعلًا منه باللمم

الوزن من أول البسيط.
يعني بالضيف: الشيب. واشتقاق الضيف من قولهم: ضاف يضيف إذا مال كأنه يميل إلى من يضيفه. ويقال: ضاف السهم عن الغرض, وصاف: إذا مال. قال أبو زبيدٍ الطائي: [الخفيف]
كل يومٍ ترميك منها بسهمٍ ... فمصيب أو ضاف غير بعيد
وقد استعملت العرب الضيف في الشيب. قال الشاعر: [البسيط]
ألقى عصاه وأرخى من عمامته ... وقال: ضيف, فقلت: الشيب؟ قال: أجل
وقوله: والسيف أحسن فعلًا منه باللمم, هو ناظر إلى قول البحتري: [الطويل]
وددت بياض السيف يوم لقينني ... مكان بياض الشيب حل بمفرقي
وقوله:
ابعد بعدت بياضًا لا بياض له ... لأنت أسود في عيني من الظلم
أسود في هذا البيت لا يراد به أشد سواداً؛ لأن النحويين يزعمون أن الألوان لا تستعمل في هذا الموضع ولا في التعجب إلا بأشد ونحوها, ويقولون: هذا أشد حمرةً من الشقيق, ولا يقولون: هذا أحمر من الشقيق, وكذلك يقولون في التعجب: ما أشد سواده, ولا يقولون: ما أسوده. ولم يجعله أشد سوادًا من الظلم؛ وإنما أراد أنه بعضها كما تقول: فلان مسود من الليل؛ أي كأنه منه. وقد أنشدوا بيتًا شاذًا, وهو قول الراجز: [الرجز]
جارية في درعها الفضفاض ... أبيض من أخت بني إباض
وقد يتوجه لهذا البيت أن يكون على غير ما ذهبوا إليه, ويكون قوله: في درعها الفضفاض أبيض؛ أي في درعها جسد مبيض من أخت بني إباض؛ فيكون أبيض وصفًا بالبياض, وتكون «من» ها هنا كما تقول للرجل: لك من فلانٍ صديق. وكذلك البيت المنسوب إلى طرفة: [البسيط]
إذا الرجال شتوا واشتد أكلهم ... فأنت أبيضهم سربال طباخ
يريد: أنت مبيضهم؛ أي ثوبك أبيض, ولا يريدون أن ثوبه أشد بياضًا من ثيابهم, وإنما هو كما تقول: هذا كريم من بني فلان, أي: أنت كريم, وأنت منهم. ونحو هذه الأبيات في أن أفعل لا يراد به التفضل قول القائل: [الطويل]
وأعنق من أولاد ذروة لم أجئ ... بإعطائه عارًا ولا أنا نادم
لم يرد أنه أطول عنقًا من أولاد ذروة, وإنما أراد أنه طويل العنق, وأنه من أولاها.
وقوله:
بحب قاتلتي والشيب تغذيتي ... هواي طفلًا وشيبي بالغ الحلم
تم الكلام عند قوله: تغذيتي, ثم فسر النصف الأول بالنصف الثاني, فقال: هواي طفلًا. جعل هواي دالًا على الفعل كأنه قال: هويت طفلًا, ونصب طفلًا على الحال. وقوله: وشيبي بالغ الحلم؛ أي شبت حين بلغت الحلم, والنصب في: بالغ الحلم كالنصب في: هويت طفلًا على الحال.
وقوله:
تنفست عن وفاءٍ غير منصدعٍ ... يوم الرحيل وشعبٍ غير ملتئم
أصل الانصداع: الانشقاق. يقول: وفاء هذه المذكورة لم يحدث فيه عيب. قال الشاعر: [الطويل]
ونحن كصدع العس إن يعط شاعبًا ... يذره وفيه عيبه متشاخس
أي متباين مختلف. والعرب تضرب المثل بصدع الزجاجة فإنه لا يلتئم. قال الشاعر: [الكامل]
وأمانة المري حيث لقيته ... مثل الزجاجة صدعها لا يجبر
الشعب ها هنا: القبيلة العظيمة؛ أي افتراق قومي وقومها. ويجوز أن لا يعني بالشعب قبيلة. والشعب يستعمل في معنى الجمع, ومعنى التفرقة, وقد مر ذكر ذلك. يقول: تنفست عن وفاءٍ لا صدع فيه, وشعبٍ - أي فراق - لا يلتئم, وهذا الوجه أشبه من الأول.
وقوله:
قبلتها ودموعي مزج أدمعها ... وقبلتني على خوفٍ فماً لفم
قد ذقت ماء حياةٍ من مقبلها ... لو صاب ترباً لأحيا سالف الأمم
نصب «فماً» بفعل مضمرٍ أو اسم فاعل يقوم مقام الفعل؛ كأنه قال: جعلت فمها إلى فمي, أو جاعلةً فمها إلى فمي. وقوله: فماً موضوع موضع الحال, وكذلك قولهم: كلمته فاه إلى في؛ أي جاعلًا فاه إلى (211/أ) في؛ فقوله: فاه في موضع حال, وأما قول الشاعر: [الطويل]
تحسب هواس وأيقن أنني ... بها مفتدٍ من صاحبٍ لا أساوره
فقلت له فاها لفيك فإنها ... قلوص امرئٍ قاريك ما أنت حاذره
ويروى: من قاصدٍ. فقوله: فاها لفيك منصوب بفعل مضمر كأنه قال: تلق فاها إلى فيك؛ يعني الداهية, أو ضربةً, أو طعنةً, استعار لها فماً. وهواس: يعني أسدًا يطلب شيئًا بالليل, وتحسب أي تظنن من حسبت الشيء. والبيت الذي بعد هذا لم يقل في معناه مثله لأنه جعل الريق فيه ماء حياةٍ لو أصاب الترب لأحيا من سلف من الأمم, وهذا قول يجب أن يستغفر الله سبحانه عند استماعه فكيف باختلاقه وتقوله.
وقوله:
ترنو إلى بعين الظبي مجهشةً ... وتمسح الطل فوق الورد بالعنم
يقال: أجهش إذا تهيأ للبكاء, أو ظهر فيه فزع من شيء. قال لبيد: [البسيط]
جاءت تشكى إلي النفس مجهشةً ... وقد حملتك سبعاً بعد سبعينا
وشبه الشاعر الدمع بالطل, والخد بالورد, والبنان مخضوبًا بالعنم.
قال بعض العلماء: العنم قضبان حمر تنبت في جوف السمرة, وقد رأيتها بمكة.
وقال قوم: العنم دود أحمر يكون في الرمل, ويجوز أن يكون شبه بالعنم الذي هو نبت؛ وقد زعم قوم أن العنم هو الخروب. قال الراجز: [الرجز]
لقد أرتك اليد أم علقمه ... كأنما الإصبع منها عنمه
ومما يدل على أن العنم نبت قول النابغة: [الكامل]
بمخضبٍ عبلٍ كأن بنانه ... عنم على أغصانه لم يعقد
ويروى: يكاد من اللطافة يعقد.
وقوله:
أبديت مثل الذي أبديت من جزعٍ ... ولم تجني الذي أجننت من ألم
إذًا لبزك ثوب الحسن أصغره ... وصرت مثلي في ثوبين من سقم
وصفها بصحة الوفاء في أول الأبيات, ثم نقض ذلك بقوله: إنما أبدت مثل ما أبداه من الجزع ولم تخف كما أخفاه من الألم, ولو أن وفاءها غير المنصدع لأجنت الألم كما أجنه. ثم قال: لو أنك أجننت كما أجن لبزك ثوب الحسن أصغر ذلك وصرت مثلي في ثوبين من سقمٍ. وإنما ذكر الثوب لإقامة الوزن.
وقوله:
ولا أظن بنات الدهر تتركني ... حتى تسد عليها طرقها هممي
بنات الدهر: شدائده, ويسستعملون البنوة والأخوة لمن فعل شيئًا أو عرف به؛ فيقولون: هو ابن سفرٍ إذا كان معتادًا للأسفار, وهو أخو معروف إذا كان يسديه إلى الناس, وكذلك يقولون: هو أبو الأضياف إذا كان يقريهم؛ فداعى الشاعر لنفسه ما لا يقدر عليه إنسي لأنه تسد هممه طرق الحدثان.
وقوله:
أرى أناسًا ومحصولي على غنمٍ ... وذكر جدٍ ومحصولي علم الكلم
المحصول ها هنا: المصدر الذي نقل من اسم المفعول, كما قالوا: ليس له معقول: أي عقل, وليس له مجلود: أي جلد. والمحصول - ها هنا - ما حصل له. يقول: أرى أناسًا وإذا ميزت أمورهم فإنما هم مثل الغنم, وأسمع ذكر جودٍ وإنما أحصل على الكلم دون الفعل.
وقوله:
ورب مالٍ فقيرًا من مروته ... لم يثر منها كما أثرى من العدم
يقول: أرى أناسًا وأرى رب مالٍ أي صاحبه. والهاء في مروته عائدة على رب مالٍ فقيرٍ, وأرى- ها هنا - يجوز أن يكون من رؤية العين ورؤية القلب. يقول: إذا كان رب المال لا مروة له, فقد أثرى من العدم. والإثراء: كثرة المال, وهو نحو من قوله: [المنسرح]
يجني الغنى للئام لو عقلوا ... ما ليس يجني عليهم العدم
وقوله:
سيصحب النصل مني مثل مضربه ... وينجلي خبري عن صمة الصمم
يعني بالنصل: السيف, أي إني مثل مضربه أي حده. ويستعملون في السيف. النصل, والمنصل بضم الصاد وفتحها, ولم يستعملوا في السنان إلا النصل, وكذلك في نصل السهم. قال عنترة: [الكامل]
إني امرؤ من خير عبسٍ منصباً ... شطري وأحمي سائري بالمنصل
والصمة: الشدة, وربما قيل للأسد: صمة؛ فكأنه يقول: ينجلى خبري عن شدة الشدائد وأسد الأسد.
وقوله:
لقد تصبرت حتى لات مصطبرٍ ... فالآن أقحم حتى لات مقتحم
(211/ب) لات عندهم أنها «لا» أوصلت بها التاء, ويكون بعدها اسم مضمر, وقله تعالى: {ولات حين مناصٍ} يكون على هذا القول منصوبًا بلات. ويقال: إن بعضهم قرأ: {لات حين مناصٍ} بالرفع, وربما زادوا التاء في بعض المواضع كما قال القائل: [الكامل]
العاطفون تحين ما من عاطفٍ ... والمفضلون يداً إذا ما أنعموا
وقال آخر: [الخفيف]
نولي قبل بين داري جمانا ... وصليه كما زعمت تلانا
ويجوز أن يكون الشاعر أضمر «حين» في قوله: لات حين مصطبر, ولا حين مقتحم, لما كان الحين يستعمل في هذا الموضع كثيرًا جاز أن يحذف ويكون مقدرًا في المراد, كما حذفوا «لا» في القسم لعلم السامع أنها في المعنى ثابتة.
وقوله:
لأتركن وجوه الخيل ساهمةً ... والحرب أقوم من ساقٍ على قدم
الساهمة: المتغيرة الوجوه وذلك مع قلة اللحم. والعرب تستعير الساق للحرب, وكذلك القيام, فيقولون: قامت الحرب على ساق. وقال سعد بن مالك بن ضبيعة؛ ووصف الحرب: [مجزوء الكامل]
كشفت لهم عن ساقها ... وبدا من الشر الصراح
وإنما يريدون أن أمرها قد اشتد وعظم, كما أن الإنسان إنما يكشف عن ساقه إذا هم بحرب أو فرار. قال دريد بن الصمة: [الطويل]
كميش الإزار خارج نصف ساقه ... بعيد من الآفات طلاع أنجد
ويقال: كشفت السنة عن ساقها: إذا اشتد جدبه وقل المطر فيها. قال الراجز: [الرجز]
عجبت من نفسي ومن إشفاقها ... ومن طرادي الطير عن أرزاقها
والموت في عنقي وفي أعناقها ... في سنةٍ قد كشفت عن ساقها
حمراء تنفي اللحم عن عراقها
وقوله:
قد كلمتها العوالي فهي كالحة ... كأنما الصاب مذرور على اللجم
كلحت؛ أي فتحت أفواهها لألمها من الجراح, كأن الصاب ذر على لجمها, فهي تكره أن تطبق أفواهها. وقال الراجز في صفة فرس: [الرجز]
إذا علاه الزبد اقشعرا ... كأنما ألعق شيئًا مرا
وقوله:
بكل منصلتٍ ما زال منتظري ... حتى أدلت له من دولة الخدم
الانصلات: ذهب سريع, وإنما يشبه الرجل المنصلت بالسيف إذا سل من الغمد, فيقال: سيف إصليت وأصلته صاحبه. قال الراجز: [الرجز]
فانصلتت تعجب لانصلاتها ... كأنما أعناق سامياتها
قسي نبعٍ رد من سياتها
والخدم في هذا البيت يعني بهم الخصيان, وهذه الكلمة إنما كثرت في الإسلام لأن الخصيان كثروا في دور الملوك. وإذا سمعت الخدم في شعر قديم فإنما يراد به قوم يخدمون ولا يذهب به إلى غير ذلك. وهذا البيت ينشد على وجهين: [البسيط]
مخدمون كرام في مجالسهم ... وفي الرحال إذا صاحبتهم خدم
فخدم: جمع خادمة وهو جمع شاذ, وخدم: جمع خدوم وهو جمع مطرد.
وقوله:
شيخ يرى الصلوات الخمس نافلةً ... ويستحل دم الحجاج في الحرم
شيخ: وصف لمنصلت, أي هو مسن. وصفه بأنه مرتد عن الإسلام؛ ولا يحفل للصلوات المفترضة ويزعم أنها نافلة. والنافلة إذا كانت عطيةً فهو شيء يتفضل به المعطي ليس بواجب عليه. والنافلة من الصلاة هي ما ليس بفريضةٍ. وذكر أن هذا المنصلت يستحل دم الحجاج في الحرم, وهذه نهاية في الصفة بقلة الدين؛ لأن العرب في الجاهلية كانت تعظيم الحرم ولا ترى أن تروع من التجأ إليه.
وقوله:
وكلما نطحت تحت العجاج به ... أسد الكتائب رامته ولم يرم
يستعمل النطح في الحرب لأنهم يشبهون الرئيس بالكبش وكذلك الشجاع. قال الراجز: [الرجز]
الليل داجٍ والكباش تنتطح ... ومن نجا برأسه فقد ربح
ويقال: إن هذا الرجز قيل في ليلة من ليالي صفين. ولما جعلوا البطل مثل الكبش جعلوا الرماح قرونًا للخيل. يقال: خيل جم لا رماح معها, وفارس أجم لا رمح معه. وقوله: رامته ولم يرم, يقول: إن الأسد أسد العجاج تروم هذا المنصلت؛ أي قتله, وهو لا يريم موقفه؛ ألا يبرح منه.
وقوله:
تنسي البلاد بروق الجو بارقتي ... وتكتفي بالدم الجاري من الديم
يقول: سيوفي تكفي البلاد بروق الجو؛ أي تغنيها عن المطر, ويغنيها الدم المسفوك عن الديم.
وقوله:
ردي حياض الردى حوباء واتركي ... حياض خوف الردى للشاء والنعم
الحوباء: النفس, ويجوز أن يكون قيل لها: حوباء لأنها تكتسي الحوب أي الإثم, ويجوز أن يكون من التحوب؛ أي (212/أ) التوجع والتحزن. قال الشاعر: [الطويل]
فذوقوا كما ذقنا غداة محجرٍ ... من الغيظ في أكبادنا والتحوب
وإذا رويت: حوباء بالضم فهو يريد: يا حوباء, فذلك عند النحويين ضرورة؛ لأنهم يرون حذف حرف النداء من اسم يمكن أن يكون وصفًا لمبهم, وهو كل اسم كانت فيه الألف واللام كالنفس والرجل, لا يحسن عندهم أن يقال: حوباء أطيعي الله؛ لأنه يمكن أن تقول: يا أيتها الحوباء. ويذهبون إلى أن قول العرب: أصبح ليل, وافتد مخنوق,كلام جرى مجرى المثل. والأمثال يجوز فيها ما لا يجوز في الشعر. قال بشر بن أبي خازم: [الوافر]
فبات يقول أصبح ليل حتى ... تجلى عن صريمته الظلام
ومما جاء في الشعر كالضرورة قول العجاج: [الرجز]
جاري لا تستنكري عذيري ... سيري وإشفاقي على بعيري
وإذا رويت حوباء بالكسر فلا ضرورة في البيت, لأن المعنى: يا حوباء كما تقول: يا غلام, فالمعنى معنى الإضافة.
ومعنى البيت أنه يأمر نفسه بورود حياض الردى وتركه الحياض المورودة, ويحتمل أن يعني بالندى: الأعطية, وأضاف إليها الماء لأنه محسوب من العطاء.
ومن روى: واتركي حياض خوف الردى؛ فإنه يريد: لا ينبغي للإنس الذين يأنفون من الدنيات أن يتخوفوا ورد الحمام وإنما يحلوه الشاء والنعم. ويحتمل أن يكون أراد الناس الذين يشبهون الأنعام في الذلة, وهو أشبه من أن يريد الشاء والنعم المعروف.
والشاء: الأغلب عليه أن يكون من ذوات الهاء لأنهم قالوا في الجمع: شياه, وفي الواحدة: شويهة. وقد ذهب قوم إلى أن الهمزة أصلية, وأنهم قالوا: شوي فلزموا تخفيف الهمز. وذهب قوم إلى أن الهمزة في شاءٍ منقلبة من ياءٍ كأنها مأخوذة من: شويت اللحم؛ فيكون الأصل على هذا: شوي؛ فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها, ثم جعلت الياء همزة لأنها طرف وقبلها ألف, كما قالوا: سقاء وأصله: سقاي, وهذا قول يضعف لأن العين واللام لا تعتلان ولاسيما إذا كانتا متواليتين.
وقوله:
أيملك الملك والأسياف ظامئة ... والطير جائعة لحم على وضم
لحم يرتفع بقوله: أيملك, وإنما يعني به ملوك عصره؛ أي إنهم ليس فيهم ما يدفع عن أنفسهم. وإذا وصف الشيء بالإباحة وصف بهذه الصفة. وفي الحديث: «إن النساء لحم على وضمٍ إلا ما ذب عنه». والوضم هو الذي يوضع عليه اللحم. قال الشاعر: [الرجز]
وتركتنا لحمًا على وضم ... لو كنت تستبقي من اللحم
يقول الشاعر: أيملك الملك قوم أذلاء كاللحم على الوضم؛ وأسيافنا ظامئة إلى دمائهم والطير جائعة؟ يريد أن يشبعها منهم.
وقوله:
من لو رآني ماء مات من ظمأٍ ... ولو مثلت له في النوم لم ينم
قوله: من بدل من لحم على وضمٍ. يقول: كيف أترك الملك لمن لو رآني ماءً لهاب أن يشرب مني؟ وهذا الوصف إنما يحدث بمن عضه الكلب الكلب لأنه يتصور في الماء ما يمنعه من الشرب. قال الشاعر: [الطويل]
أقام زمانًا يكره الماء صاديًا ... وينفر منه وهو أزرق صاف
فإن عضه كلب فأودى بنفسه ... فكم ركن عز قد أصيب نياف
ويقال: مثل الشيء إذا ظهر, ومثل إذا عاب. يقول: لو رآني المتملك في هذا الدهر في النوم لامتنع من أن ينام.
وقوله:
ميعاد كل رقيق الشفرتين غدًا ... ومن عصى من ملوك العرب والعجم
فإن أجابوا فما قصدي بها لهم ... وإن تولوا فما أرضى لها بهم
يقول: قيامي قد دنا وقته فميعاد السيف غدًا أي سله. يقول: نضرب بالسيوف من عصى من الملوك عربهم وعجمهم, فإن أطاعوا فما أقصدهم بها؛ بل أقصد إلى غير مطيع, وإن لم يدخلوا في الطاعة, فما أرضى بهم؛ أي أقتلهم؛ فلا أرضى بذلك حتى أقتل غيرهم. وقافيتها من المتراكب.











مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید