المنشورات

قد صدق الورد في الذي زعما ... أنك صيرت نثره ديما

الوزن من المنسرح الأول, والقافية من المتراكب. كان أبو الطيب في مجلس ثنر فيه الورد.
وقوله:
كأنما مائج الهواء به ... بحر حوى مثل مائه عنما
قد مضى ذكر العنم, وذكره إياه يدل على أن الورد المنثور كان أحمر. والعرب إذا ذكرت الورد فإنما تريد به الزهر, فأما الورد المعروف بين العامة فإنه قليل التردد في أشعارهم. وقد رروا شعراً ينسبونه إلى مجنون بني عامر: [الطويل]
أرى عهدها كالورد ليس بدائمٍ ... ولا خير فيمن لا يدوم له عهد
وعهدي بها كالآس حسناً وبهجةً ... له نضرة تبقى إذا ما انقضى الورد
ولا يمتنع أن يكون الورد في هذا الشعر معنيًا به الزهر كله؛ لأنه إنما يكون وقتاً ثم يزول. وقد ذكر أهل العلم باللغة أن الوردة البيضاء يقال لها: وتيرة, وأن الحمراء يقال لها: حوجمة.
وقوله:
ناثره الناثر السيوف دماً ... وكل قولٍ يقوله حكما
يقول: ناثر هذا الورد هو الذي يجعل السيوف تنثر الدم, ونصب كل قولٍ لأنه عطفه على السيوف, ونصب حكماً على الحال؛ أي كل ما يقوله حكمة.
وقوله:
والخيل قد فصل الضياع بها ... والنعم السابغات والنقما
عطف الخيل وما يعدها على ما تقدم, فزعم أنه ينثر الخيل والضياع المقطعة والنعم والنقم. والضياع: جمع ضيعةٍ في معنى القرية, وهي مساوية لفظ المصدر في قوله: ضاع الشيء ضيعةً, وفلان في ضيعةٍ؛ أي في حال مذمومة, ويجوز أن تكون هذه الكلمة اتسع فيها كما اتسع في غيرها فسميت ضيعةً؛ لأنها تزيل الضيعة عن الإنسان؛ أو لأنها يخشى عليها أن تضيع. وليس ذلك بأبعد من وصفهم الكلمة الواحدة على الضدين.
وقوله:
فليرنا الورد إن شكا يده ... أحسن من جود كفه سلما
يقول للورد على معنى الأمر له: إن شكا يده أحسن منه. نصب بيرنا. والأشبه أن يكون بجوده, بفتح الجيم, ليتعدى المصدر من: جاد يجود إلى الكلم. والهاء في منه عائدة إلى الورد؛ فإن ضمت الجيم في جوده فهو يدل على معنى جاد؛ إلا أن الفتح أولى بالإعمال من الضم.










مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید