المنشورات

الناس من لم يروك أشباه ... والدهر لفظ وأنت معناه

الوزن من ثاني المنسرح ولم يذكره الخليل.
يقول: الناس مشتبهون ما لم يروك؛ فإذا حضروا لديك رأوا منك خلقاً وخلقاً لا يعرفونه لغيرك ولا يشابهك فيه سواك.
وقوله: (238/ب)
والجود عين وفيك ناظرها ... والباس باع وفيك يمناه
جعل الجود عيناً والممدوح ناظرها, وهذا معنى قد صنعه بعض الشعراء, ويجوز أن يكون بعد أبي الطيب, وهو: [الكامل]
الناس حمير والبراجم وجهها ... وأبوك مقلتها وأنت الناظر
البراجم: قبيلة من حمير. والباع من قولهم: مد فلان باعه إذا مد عضديه وذراعيه عن يمينٍ شمال. والفرس يبوع في مشيه وجريه إذا كان واسع الخطو. قال أبو دواد: [الخفيف]
وتمطى بوعاً كما يتمطى ... حبشي بحربة مظلوم
ويقال: فلان من أهل الباع؛ أي من أهل القوة والقدرة على الأشياء. قال المسيب بن علسٍ: [الكامل]
ولذاكم علمت معد أنه ... أهل الحفيظة والندى والباع
وقوله:
أفدي الذي كل مازقٍ حرجٍ ... أغبر فرسانه تحاماه
المازق: أصلها الهمز, وكان حقه أن يجيء بفتح الزاي لأنه من: أزق يأزق إذا ضاق, وهو المقام الضيق في الحرب. قال زهير: [البسيط]
كان إذا ما تلاقى القوم في رهجٍ ... تحبسه النجدات المحبس الأزقا
فهذا يدل على أن الماضي: أزق؛ فجاء المأزق شاذاً كما قالوا: المحمدة, وهي من: حمد يحمد. والمعنى: أن فرسان كل مأزقٍ أغبر تحامى عن هذا الممدوح وتكره أن تلقاه.
وقوله:
أعلى قناة الحسين أوسطها ... فيه وأعلى الكمي رجلاه
أراد: أنه يطعن الكمي فتنفذ فيه القناة وينحطم صدرها وقد نفذ إلى الجانب الآخر, فقد صار أوسط القناة كأنه أعلاها؛ لأن بعضها قد ذهب, وقد ارتفعت رجلا الكمي لأنه لما طعنه انقلب.
وقوله:
تنشد أثوابنا مدائحه ... بألسنٍ ما لهن أفواه
يعني: أنه يخلع عليهم فكأن ثيابه تنشد مدائحهم فيه بألسنٍ لا أفواه لها.
وقوله:
إذا مررنا على الأصم بها ... أغنته عن مسمعيه عيناه
يقول: إذا مضينا بهذه الثياب على الأصم فقد أغنته عن مسمعيه عيناه؛ أي يعلم إذا رآها أنا قد مدحناه؛ فكأنه قد سمع المدائح. وهذا كقوله في الأخرى: [الكامل]
كالخط يملأ مسمعي من أبصرا
وقوله:
سبحان من خار للكواكب بالبعد ولو نلن كن جدواه
نلن: من نال ينول أي بلغ. ونلن ها هنا فعل ما لم يسم فاعله؛ أي خار الله للكواكب في البعد؛ أي إنهن لا ينلن, ولولا ذلك لجاز أن يجود بهن, ويجوز في أول هذا الفعل الضم, وإشمام الكسر, والكسر. وبعض الناس يختار في مثل هذا اللفظ أن يكسر أول الفعل الذي لم يسم فاعله؛ ليكون ذلك فرقاً بينه وبين الإخبار عن نفسه, ومثال ذلك أن الرجل إذا قال: سمت فلاناً كذا ضم السين, فإذا أخبر عن نفسه بأنه سيم شيئاً حسن أن يقول: سمت بالكسر ليفرق بين الفعلين.
وقوله:
لو كان ضوء الشموس في يده ... لصاعه جوده وأفناه
صاعه: أي فرقه؛ ومنها اشتقاق الصاع الذي يكال به وهو عربي صحيح. قال أبو قيس ابن الأسلت: [السريع]
لا نألم القتل ونجزي به الـ ... أعداء كيل الصاع بالصاع
وإنما قيل له: صاع لأن الشيء المكيل يفرق به. والقافية من المتواتر.









مصادر و المراجع :

١- اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي

المؤلف: أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري (363 - 449 هـ)

المحقق: محمد سعيد المولوي

الناشر: مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

الطبعة: الأولى، 1429 هـ - 2008 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید