المنشورات

التوجه إلى الله سبحانه بالدعاء:

قال الله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (77)} [الفرقان: 77].
وقال -عزَّ اسمه-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} [البقرة: 186].
وقال سبحانه:
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [غافر: 60].
وقال عز وجل: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [الأعراف 55: 56].
وعن النُّعمان بن بَشير قال:
سَمِعتُ النبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "الدُّعَاءُ هُوَ العبادة"، ثُم قَرَأَ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [غافر: 60] (1).
"معنى الدعاءِ، استدعاءُ العبد ربَّهُ عز وجل العناية، واستمدادُهُ منه المعونة" (2).
فلا يتخلى عبد عن دعاء مولاه إلا قانط أو متكبر مستغنٍ، وهذا موجب لغضب الله سبحانه وسخطه، فدعاء العبادة، ودعاء المسألة من الأمور التي يحبها الله سبحانه من عبادة المتقين.
والفرق بينهما أن دعاء المسألة هو طلب ما ينفعُ الدَّاعى بجلب الخير، أو دفع الضر، أمَّا دعاء العبادة فهو الثناء على الله بما هو أهله، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة
قال شيخ الإسلام: "دعاءُ المسألة؛ هو طلبُ ما ينفعُ الداعي، وطلب كشف ما يضره، ودفعه" (3).
وفي الحديث عَن أَبِي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَن لم يسأل اللهَ، يَغضَبْ عَلَيْهِ" (4).
وقد أحسن الناظم بقوله:
اللهُ يغضَبُ إِن تَرَكْت سُؤَالَهُ ... وترى ابنَ آدمَ حينَ يُسألُ يَغضبُ
وفي قَولُهُ: (من لم يَسأل اللهَ يَغضَب عليه) قال الطِّيبِيُّ: "وذلك لأنَّ الله يُحِب أَن يُسألَ من فضله فمن لم يَسأل الله يُبغضهُ، والمبغُوضُ مغضُوبٌ عليه لا محالة".
وكم في كتاب الله العزيز من موقف يبين لجوء المؤمنين لربهم عند ملاقاة الأعداء؛ لأن الله ملجأ الخائفين، وملاذ الطائعين.
قال تعالى: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250)} [البقرة: 250].
وفي التنزيل آيات كثيرة فيها من السؤال والافتقار والتضرع، والطلب والعبادة، ما يجعلنا لا نطيل في هذا الباب.
قال شيخ الإسلام (523 - اقتضاء الصراط المستقيم): "ومن اعتاد الدعاء المشروع في أوقاته: كالأسحار، وأدبار الصلوات، والسجود ونحو ذلك، أغناه عن كل دعاء مبتدع في ذاته أو في بعض صفاته.
فعلى العاقل أن يجتهد في اتباع السنة في كل شيء من ذلك، ويعتاض عن كل ما يظن من البدع أنه خير بنوعه من السنن، فإنه من يتحرَّ الخير يعطه، ومن يتوق الشر يُوقه".
قلت: وفيما ذكرنا كفاية، والله ولي التوفيق.
وللمسألة والدعاء آداب وفضائل كثيرة:
والآداب التي تحتف بالدعاء ثلاثة قبل الدعاء، وخلاله، وبعده:

أولًا: آداب قبل الدعاء:
1 - التوبة ورد المظالم لأهلها.
قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود: 90].
2 - التقدم بين يدي ربه بحسن العبادة من الفرائض وبر الوالدين، والنوافل كالصدقة وغيرها التي يستجلب بها العبد محبة ربه تبارك وتعالى.
عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
"إِن الله قال: من عادى لي وَلِيًّا فَقَد آذَنتُهُ بِالحَربِ، وما تَقَربَ إِلَيَّ عَبدِي بِشَيءٍ أَحَب إِلَيَّ مِما افتَرَضتُ عَلَيهِ، وما يَزَالُ عَبدِي يتقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنوَافِلِ حَتى أُحِبهُ، فَإِذا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الذِي يَسمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الذي يُبصِرُ بِهِ، وَيدَهُ التِي يَبطِشُ بِهَا، وَرِجلَهُ التي يَمشِي بِهَا، وَإِن سَألَنِي لأعطِيَنَّهُ، وَلَئِن استعَاذنِي لأُعِيذنَّهُ" (1).
3 - تحري المال الحلال.
قال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].
وعن أَبِي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"أَيهَا النَّاسُ إِن اللهَ طَيِّبٌ لا يَقبَلُ إِلا طَيبًا، وَإِن الله أَمَرَ المُؤمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرسَلِينَ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)} [المؤمنون: 51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172]، ثُم ذَكَرَ الرجُلَ يُطِيلُ السفَرَ أَشعَثَ أَغبَرَ يَمُدُّ يَدَيِه إِلَى السمَاءِ يَا رَب يَا رَب، وَمَطعَمُهُ حَرَام، وَمَشرَبُهُ حَرَام، وَمَلبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالحَرَامِ فَأنَّى يُستجَابُ لِذَلِكَ؟ " (2).
4 - أن يختار موضعًا طاهرًا نظيفًا، خاليًا عما يشغل القلب.
5 - أن يكون نظيفًا من نجاسة الثياب، طيب الفم على أكمل وجه.
6 - أن يتحرى أوقات إجابة الدعاء مع شرف الزمان، والمكان.








مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید