المنشورات

حكم صلة الرحم

المتأمل للنصوص القرآنية، والأحاديث النبوية يقطع بوجوب صلة الرحم بلا خلاف بين العلماء، وأن قاطعها آثم، مرتكب كبيرة من الكبائر.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الرحمُ معلقة بالعرشِ تقولُ: من وصلني وصلهُ اللهُ، ومن قطعني قطعهُ الله" (1).

قال القاضي عياض:
"ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبيرة. قال: والأحاديث في الباب تشهد لهذا، ولكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها، لا يسمى قاطعًا، ولو قَصَّر عما يقدر عليه وينبغي له، لا يسمى واصلًا" (2).
ومما تقدم نعلم أن صلة الرحم واجبة وقطيعتها حرام، وأن الحكم بالوجوب يرجع إلى الحاجة والحالة، فمن كان له أخ وعم مثلًا وأخوه غني وعمه فقير معدم، فإن صلة الأخ يكفي فيها الكلام والسلام والسؤال عن حاله وصحته ونصحه، أمَّا العم فلا يعتبر واصلًا له إلا إذا أعطاه من ماله إن كان مالكاً للمال قادراً.
قلت:
فالأخ إذن يكفي في حقه الكلام والسؤال عن حاله وصحته؛ ولهذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بُلُّوا أرحامكم ولو بالسلام" (1). وأما العم فلا يعتبر واصلًا له إلا إذا أعطاه من ماله إن كان قادراً.
أما البر والإحسان للأقارب فيكون بما تيسر، ومما يدل أيضاً على أن الصلة واجبة قول أبي سفيان لهرقل عندما سأله: فماذا يأمركم -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: "يقول: "اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤُكم، ويأمُرُنا بالصلاة والصدقِ والعفافِ والصِّلة" (2).
وفي هذا الحديث دليل على أنَّ الصلة واجبة، وقد قُرنت بالصلاة والصدق والعفاف، ومما يزيد في بيان وجوبها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الرحم شُجنَةٌ من الرَّحمنِ، فقال اللهُ: مَن وَصَلَكِ وَصلتُهُ، ومن قَطَعَكِ قَطَعتُه" (3).
قوله: "شُجنةٌ من الرحمن" أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، ومنه قولهم: شجرٌ متشجِّن، إذا التف بعضه ببعض.
وأكَّد عليها - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "أرحامَكم أرحامكم" (4).
والأرحام الذين تجب صلتهم: كل من يجمع بينك وبينه نسب من جهة الأب والأم، وتشمل الأصول والفروع كما تقدم.










مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید