المنشورات

الانبساط والمواساة في مالك.

عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "حقت محبتي للمتباذلين فيَّ" (3).
قال يزيد بن عبد الملك: "إني لأستحي من الله -عز وجل- أن أسأل الجنة لأخ من إخواني وأبخل عليه بدينار أو درهم".
وفي هذا المعنى قال الشاعر:
عجبتُ لبعض الناس يبذلُ ودهُ ... ويمنع ما ضُمَّت عليه الأصابعُ
إذا أنا أعطيتُ الخليل مودتي ... فليس لمالي بعد ذلك مانعُ
الخليل المحب يعين خليله ولا يبخل عليه بشيء من ماله مما يقدر عليه.
وأحسن القائل:
وتركي مواساة الأخلاء بالذي ... تنال يدي ظلمٌ لهم وعقوقُ
وإنِّيَ أستحيي من الله أن أُرى ... بحال اتساعٍ والصديق مَضِيقُ
قال الشاعر:
من كان للخير منَّاعاً فليس لهُ ... عندَ الحقيقة إخوانٌ وأخْدانُ (1).

المواساة بالمال مع الإخوان على ثلاث مراتب:
أ- أن تقوم بحاجة أخيك من فضل مالك.
ب- أو تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك في مالك.
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: لمَّا حفر الخندق رأيت من النبي - صلى الله عليه وسلم - خمصاً فانكفأت إلى امرأتي فقلت: هل عندك شيء فإني رأيت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمصاً شديداً؟ فأخرجت لي جراباً فيه صاع من شعير ولنا بهيمة داجن، فذبحتها فطحنت ففرغت إلى فراغي، وقطعتها في برمتها، ثم وليتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: لا تفضحني برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبمن معه. فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحتُ بُهُيَمةً لنا، وطحنتُ صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك فصاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنزلن بُرمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء".
فجئت وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدُم الناس حتى جئت امرأتي فقالت: بك وبك، فقلت: قد فعلتُ الذي قلت، فأخرجت لنا عجينًا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثم قال: "ادع خبازةً فلتخبز معك، واقدحي من برمتك ولا تنزلوها".
وهم ألف، فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغيظ كما هي وإن عجيننا كما هو (1).
كان أبو جعفر محمد بن علي يدعو نفرًا من إخوانه كل جمعة فيطعمهم الطعام الطيب، ويطيبهم، ويبَخِّرهم، ويروحون إلى المسجد من منزله (2).
وكان سعيد بن العاص يدعو جيرانه وجلساءه في كل يوم جمعة، فيصنع لهم الطعام، ويكسوهم الثياب، فإذا أرادوا أن يتفرقوا أمر لهم بالجوائز". وبعث إليهم (3).
ج- أو تؤثره على نفسك وتقدم حاجته على حاجتك.
قال الله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9].











مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید