المنشورات

لين الجانب في الدعوة إلى الله تعالى، وحسن القول.

قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} [النحل: 125].
وقال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه: 44].
قال القرطبي: قال أبو العالية: "قولوا لهم الطيب من القول، وجازوهم بأحسن ما تحبون أن تُجازوا به".
وهذا كله حض على مكارم الأخلاق، فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لينًا، ووجهه منبسطًا طَلْقًا مع البر والفاجر، والسُّني والمبتدع، من غير مداهنة، ومن غير أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يُرضي مذهبه؛ لأنَّ الله تعالى قال لموسى وهارون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: 44]. فالقائل ليس بأفضل من موسى وهارون؛ والفاجر ليس بأخبث من فرعون، وقد أمرهما الله تعالى باللين معه.
وقال طلحة بن عمر: قلت لعطاء: إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة، وأنا رجل فيّ حِدّة، فأقول لهم بعض القول الغليظ؛ فقال: لا تفعل! يقول الله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83].
فدخل في هذه الآية اليهود والنصارى، فكيف بالحنيفي؟ (1)
فحسن القول مع المؤمن والكافر من الأمور التي حض عليها الشارع، قال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83].
قوله: للناس: يشمل المؤمن والكافر، فالقول الحسن لجميع الناس من مكارم الأخلاق.
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "لو قال لي فرعون: بارك الله فيك، قلت: وفيك، وفرعون قد مات" (2).
وعن عُقبة بن عامر الجُهَني: أنَّه مرَّ برجل هيئته هيأة مسلم، فسلم فردَّ عليه: وعليك ورحمة الله وبركاته، فقال له الغلام: إنَّه نصراني! فقام عقبة فتبعه حتى أدركه فقال: إنَّ رحمة الله وبركاته على المؤمنين، لكن أطال الله حياتك، وأكثر مالك وولدك" (3).
قال شيخنا العلامة الألباني - رحمة الله-: "في هذا الأثر إشارة من هذا الصحابي الجليل إلى جواز الدعاء بطول العمر؛ ولو للكافر، فللمسلم أولى، ولكن لا بد من أن يلاحظ الداعي أن لا يكون الكافر عدوًا للمسلمين، ويترشح منه جواز تعزية مثله بما في هذا الأثر، فخذها فائدة تذكر".










مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م 

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید