المنشورات

الإهداء له، وقبول هداياه.

عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنه ذبُحت له شاة، فجعل يقول لغلامه: أهديتم لجارنا اليهودي؟ أهديتم لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيورثه" (1).
أمَّا قبول النبي - صلى الله عليه وسلم - للهدايا فقد قبل هدية المقوقس، وقبل الشاة المصلية من اليهودية.
لكن يستثنى من ذلك عدم قبوله هداياه وقت أعياده، وبالأخص اللحوم، أو الإهداء له؛ لأن في ذلك إقرارًا لباطله وشهادة زور.
أيها -العاقل الودود- ليكن منك على بال أن من يهدي من لا يدين بدين الإسلام في يوم عيده فإنه على خطرٍ عظيم؛ لأن ذلك يورث إحساسًا بالتقارب، وشعورًا بالتعاطف مع الكفار لا سيما إذا كان من باب التعظيم والحب والمودة فالكفر على بابه.
وذهب شيخ الإسلام إلى جواز قبول هدية الكفار يوم عيدهم معتمدًا على أثر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه أتي بهدية النيروز فقبلها، وخبر إباحة عائشة أم المؤمنين جواز الأكل من أشجارهم يوم عيدهم، وأثر أبي برزة - رضي الله عنه - أنه كان له سكان مجوس، فكانوا يهدون له في النيروز والمهرجان، فكان يقول لأهله: ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردوه.
وقال شيخ الإسلام: "فهذا كله يدل على أنه لا تأثير للعيد في المنع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء، لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم، لكن قبول هدية الكفار من أهل الحرب وأهل الذمة مسألة مستقلة بنفسها فيها خلاف وتفصيل ليس هذا موضعه".
قلت: وكل هذه الآثار ضعيفة الأسانيد، والتعليل المذكور أيضاً مردود على الشيخ -رحمه الله تعالى- أما أثر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فأخرجه البيهقي (9/ 235) من طريق هشام، عن محمد بن سيرين، عن علي، وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه؛ محمد بن سيرين لم يدرك علي بنِ أبي طالب - رضي الله عنه -، وأما أثر عائشة، فأخرجه ابن أبي شيبة، وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان، وهو ضعيف، وأمَّا أثر أبي برزة ففي سنده جهالة أم الحسن بن حكيم.
وقال العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- في "التعليق على اقتضاء الصراط المستقيم" (348): "هذا غريب من الشيخ (أي شيخ الإسلام) -رحمه الله-، لأن قبول هدية الأعاجم تشعر بأنه رضا، لكن في آثار الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يقبلون الهدية بقوة الإسلام في ذلك الوقت، وأن الناس لن ينخدعوا بذلك، وأن الكفار أنفسهم يعلمون أن الإسلام أعلى، لكن في الوقت الحاضر لو قبل المسلمون هدية الكفار لفرحوا، وقالوا: إن المسلمين وافقونا على أن هذا اليوم يوم عيد، فهذا ينبغي أن نفصل في هذه المسألة، ويقال: إذا خيف أن يترافع الكفار، وأن يستعرضوا وأن يظنوا أن هذا موافقة منا بأعيادهم، فإنه لا يقبل الهدية".
قلت: وهذا الذي قاله العلامة ابن عثيمين عين الصواب، وهو الموافق لأهل العلم، هذا على فرض صحة الآثار، فكيف وهي ضعيفة؟!











مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م 

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید