المنشورات

إطعام الحيوان وبالأخص إذا بلغت به الحاجة إلى أن قارب الهلاك:

فالعاقل من يترفق بالحيوان الذي عنده يطعمه ويسقيه، ولا يحمله من العمل ما لا يطيق.
عن سراقة بن مالك - رضي الله عنه - قال: أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة، فلم أدر ما أسأله عنه، فقلت: يا رسول الله إني أملأ حوضي أنتظر ظهري يرد علي، فتجيء البهيمة فتشرب، فهل في ذلك من أجر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لكَ في كُلِّ كَبِدٍ حَرى أَجرٌ" (1).
وفي الحديث: "المرأة البغي التي سقت الكلب" (2).
وعن عبد الله بن جعفر قال: أردفني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خلفَه ذات يوم، فأسرَّ إليَّ حديثاً لا أحدِّث به أحدًا من الناس، وكان أحب ما استتر به رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هدفٌ أو حائشُ النخلِ، فدخل حائطًا لرجلٍ من الأنصار فإذا جمل فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - حنَّ وذرفت عيناه، فأتاهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح سراته (السراة: الظهر) إلى سنامهِ وذفراهُ (عظم خلف الأذن) فسكن، فقال: "مَن ربُّ هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ "، فجاء فتًى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله. فقال: "أفلا تَتقي اللهَ في هذه البهيمةِ التي مَلَّكَكَ اللهُ إياها؟ فإنهُ شَكَا إليَّ أنك تُجيعُهُ وتُدْئِبُه" (1).
هذا الحديث وغيره مثال للرحمة والرأفة التي كان عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي نموذج رفيع للتوجيهات النبوية في العناية بالحيوان وإعطاءه حقوقة.
عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "بَينَا رجل يَمشِي فَاشتَد عَلَيهِ العَطَشُ، فَنَزَلَ بِئرًا فَشَرِبَ مِنهَا، ثم خَرَجَ، فَإِذَا هُوَ بِكَلب يَلهَثُ يَأكُلُ الثَّرَى من العَطَشِ، فَقَالَ: لَقَد بَلَغَ هَذَا مِثلُ الذِي بَلَغَ بِي، فَمَلَأَ خُفَّهُ ثم أَمسَكَهُ بِفِيهِ ثم رَقِيَ فَسَقَى الكَلبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَإِن لَنَا فِي البَهَائِمِ أَجرًا؟ قَالَ: "فِي كُل كَبِدٍ رَطبَةٍ أَجرٌ" (2).

من روائع أدب العلماء
ومن مُلَحِ ما يُذكر في ترجمة العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- ما حدثني به الشيخ الدكتور الأديب عبد العزيز بن محمد السدحان -أثابهُ الله تعالى- أن الشيخ ابن العثيمين له بابان في بيته، وكان من عادته إذا زاد من طعامه في الغداء أو العشاء يفتح بابًا معهوداً له يطعم فيه القطط من لحم ونحوه، والقطط بطبعها تأنس لمطعمها، وتظل تنتظر على بابه، وتجتمع في الوقت المعهود لتأكل من يده، فإذا لم يزد له طعام ذلك اليوم، خرج من الباب الآخر؛ مراعاه لشعورها في عدم إطعامها.
فلله در شيخنا ما أرهف قلبه! وأروع أدبه! رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
وكان في بيت شيخنا الإمام الألباني -رحمه الله- طيور تبعد عن شرفته قرابة عشرين مترًا، وضع لها ماسورة -أنبوب نقل السوائل- طرفها عند شرفته ونهايتها في مكان الطيور، فكان يضع الحبّ في رأس الماسورة فينزل إلى الطيور، وإذا أكل شيئًا من الحب أو اللوز وما شاكله جعل ما بقى من فضلاته في رأس الماسورة لينزل إلى الطيور (1).












مصادر و المراجع :

١- مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ

المؤلف: خالد بن جمعة بن عثمان الخراز

الناشر: مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع، الكويت

الطبعة: الأولى، 1430 هـ - 2009 م 

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید