المنشورات

مفهوم النظرية العضوية

يقصد بالنظرية العضوية تلك النظرية السوسيولوجية أو الاجتماعية التي تعقد مماثلة بين المجتمع والكائن الحي. بمعنى أن المجتمع يتطور كتطور الكائن الحي أو الكائن العضوي. أي: تتعرض المجتمعات الإنسانية لثلاث مراحل أساسية هي: النشوء، والارتقاء، والانحلال، أو لظاهرة الولادة والتكيف والفناء. علاوة على ذلك، فهذه النظرية العضوية بيولوجية في مرجعيتها الإحالية والنظرية، تأثرت، بشكل كبير، بأفكار شارلز داروين. وهكذا، يولد المجتمع الإنساني ويتدرج في تطوره ورقيه حتى يصيبه الفناء والزوال. ويعني هذا أن تطور المجتمعات البشرية خاضع للحتمية البيولوجية أو الحتمية التطورية العضوية. وفي هذا، تقول وسيلة خزار:"يعد هربرت سبنسر أبرز أنصار النظرية العضوية في علم الاجتماع التي تحاول الأخذ بفكرة المماثلة العضوية بين المجتمع والكائن العضوي. كذلك يعد هذا المفكر أبرز رواد الاتجاه الدراويني في علم الاجتماع، وهو الاتجاه الذي يؤكد أن تطور المجتمع الإنساني يسير عبر مجموعة من المراحل الحتمية التي لايمكن إرادة البشر تغييرها؛ فالتطور الاجتماعي عند أنصار هذا الاتجاه محكوم بقوى طبيعية تتجاوز إرادة الإنسان." (1)
ومن هنا، فنظرية سبنسر هي نظرية عضوية وبيولوجية وارتقائية بامتياز، تقارب السوسيولوجيا المجتمعية انطلاقا من المقترب البيولوجي الارتقائي والنشوئي. وبتعبير آخر، فهذه النظرية نظرية تطورية تاريخية قائمة على ثنائية التجانس واللاتجانس، وثنائية البساطة والتركيب، وثنائية التماثل والتباين، وثناية التباين والتكامل. ومن هنا، فقد أقام سبنسر"تصوره لعلم الاجتماع على مبدإ المماثلة بين الحياة البيولوجية والحياة الاجتماعية، حيث يقرر أن في الحياة ميلا إلى التفرد، والتفرد هو غاية كل ارتقاء، وكل ارتقاء إنما ينطوي على الانتقال من التماثل إلى التباين، أو من المتجانس إلى اللامتجانس، ويقرر كذلك أن التخصص هو غاية كل تطور وارتقاء في الموجودات؛ وينتقل سبنسر بهذه الحقائق من ميدان الحياة البيولوجية إلى ميدان الحياة الاجتماعية، فيحاول تطبيقها على هذه الحياة مشبها إياها بالحياة البيولوجية، وبعد أن يشرح كيفية نشأة الحياة الاجتماعية وتطورها ووضوح وظائفها، وازدياد ظاهرة التفرد والتخصص حتى وصلت في العصر الحاضر إلى أدق مظاهرها." (2)
ومن هنا، يتبين لنا أن هربرت سبنسر يدرس المجتمع الإنساني، في تطوره المرحلي أو المتدرج، في ضوء المقاربة البيولوجية أو العضوية الداروينية، بإقامة مماثلة منهجية بين سيرورة المجتمع والكائن الحي في نمائه ونشوئه وارتقائه.










مصادر و المراجع :

١- نظريات علم الاجتماع

المؤلف: د. جميل حمداوي

الطبعة: الأولى 2015 م

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید