علاوة على ذلك، فالعالم الذي تعيش فيه الذوات المتفاعلة هو عالم مادي ورمزي. وفي الوقت نفسه، يحمل دلالات اجتماعية وسيميائية. بمعنى أن الأفراد هم الذين يعطون للعالم دلالاته الرمزية بواسطة التجارب الفردية المعاشة. وليست كل الأفعال التي تصدر عن الذوات المتفاعلة اجتماعية، بل فقط الأفعال التي تحمل دلالات رمزية ومقاصد مباشرة وغير مباشرة أثناء التفاعل المجتمعي. أي: إن افعالنا وسلوكياتنا تحمل في طياتها قيما ومعاني رمزية يتشربها الفرد من المجتمع، وعلى أساس ما اكتسبه من اتجاهات وقيم وميول يتصرف بها مع الآخرين، ويتنبأ بتصرف الآخرين تجاهه.
وم هنا، تتخذ نظرية التفاعل الرمزي طبيعة لسانية وسيميائية، مادامت تتكئ على الإشارات والرموز والعلامات اللغوية. بمعنى أن هذه النظرية تهتم بماهو لساني ولغوي ودلالي. وفي هذا السياق، يقول جيدنز: " تعنى هذه المدرسة بالقضايا المتصلة باللغة والمعنى. ويزعم ميد أن اللغة تتيح لنا الفرصة لنصل مرحلة الوعي الذاتي، وندرك ذاتنا ونحس بفرديتنا. كما أنها تمكننا من أن نرى أنفسنا من الخارج مثلما يرانا الآخرون. والعنصر الرئيسي في هذه العملية هو الرمز. أي: الإشارة التي تمثل معنى أو شيئا آخر. والكلمات التي نستعملها للإشارة إلى أمور محددة هي، في واقع الأمر، رموز تمثل المعاني التي نقصدها. فكلمة الملعقة رمز نستعمله لوصف الأداة التي نستخدمها للحساء أو للأكل عموما. كما أن الرموز تشمل الإيماءات غير الشفوية وأشكال التواصل الأخرى. وثمة قيمة رمزية للتلويح لشخص ما أو القيام بإيماءة ذات دلالات بذيئة. ويرى ميد أن البشر يعتمدون على رموز وتفاهمات ومواضعات مشتركة في تفاعل بعضهم مع بعض. ولأن البشر يعيشون في عالم زاخر بالرموز، فإن جميع عمليات التفاعل بين الأفراد تشتمل على تبادل الرموز. إن التفاعلية الرمزية توجه انتباهنا إلى تفصيلات التفاعلات الشخصية، والطريقة التي تتم بها هذه الترتيبات لإعطاء المعنى لما يقوله ويفعله الآخرون. وينوه منظرو هذه المدرسة بالدور الذي تؤديه هذه التفاعلات في خلق المجتمع ومؤسساته." (1)
ويعني هذا أن النظرية التفاعلية الرمزية تدرس التفاعل الاجتماعي الذي يحمل دلالات لسانية وسيميائية وإيحائية.
مصادر و المراجع :
١- نظريات علم الاجتماع
المؤلف: د. جميل
حمداوي
الطبعة: الأولى
2015 م
حقوق الطبع
محفوظة للمؤلف
تعليقات (0)