المنشورات
مقومات النظرية
يرتكز هذا التصور السوسيولوجي على مجموعة من المسلمات هي:
(دراسة الواقع الروتيني العادي واليومي. أي: دراسة الفعل الاجتماعي الصادر عن الفاعل في الأماكن العامة أو أماكن العمل أو في الأماكن التي يشبع فيها الأفراد حاجياتهم الاجتماعية اليومية التي تقع بشكل تكراري رتيب ويومي، و" تشغل اهتمام الناس في الشؤون العامة والخاصة، وتعكس تصرفهم العملي لا الفكري، بالذي يمكن ملاحظته وتسجيله. ويتضح مما سبق، أن الأفعال الظرفية والطارئة والعابرة لاتمثل اهتمام هذا الاتجاه؛ لأنها لاتمثل فعلا اجتماعيا مستمرا في الحدوث، يمكن بواسطته التوصل إلى معرفة معايير ضبطه ومقوماته القيمية. ومن هنا يمكن القول: إن هذا الاتجاه يعتمد على مستويات التحليل السوسيولوجي الصغرى. (1) "
ويعني هذا أن النظرية ترتبط بالواقع العادي اليومي الذي تتكرر فيه أفعال الأفراد ذات المعنى والمقصدية الاجتماعية.
(ذاتية الواقع الاجتماعي: بمعنى أن الواقع الاجتماعي مرتبط بالفاعل أو الذات الفردية التي تعبر عنه بواسطة الكلمات والعواطف والإشارات، ضمن تجارب ذاتية وإنسانية غير خاضعة للتشييء الموضوعي.
(إيجابية الفاعل الاجتماعي: إذا كانت الوظيفية والوضعية تعتبران الإنسان نتاج المجتمع وجبرياته وحتمياته، وأنه كائن سلبي لادور له في تغيير المجتمع، فإن النظرية الإثنومنهجية ترى أن الإنسان كائن إيجابي، له دور كبير في تحريك المجتمع وتغييره.
(عقلانية الفعل الاجتماعي: ويعني هذا أن الفعل الاجتماعي فعل عاقل وهادف، يخضع لمنهجية أو خطة أو طريقة واضحة، بالتحكم في الأفعال وردود الأفعال وفهمها جيدا، والوعي بمدى خطورة كل فعل ينتهك معايير الآداب والتفاهم المشترك. " وهذا يعني أن كل موقف تفاعلي له منطق، إذا نظرنا إليه من وجهة نظر الفاعل نفسه أو مجموعة الفاعلين الداخلين فيه، بحيث يتضح منطق الموقف في إدراك الفاعل له وتحديده وتقييمه، وهنا تختفي التمييزات المزعومة بين الأفعال المنطقية وغير المنطقية، الرشيدة وغير الرشيدة، العقلانية وغير العقلانية. (2) "
وبتعبير آخر، تدرس هذه النظرية الأفعال العاقلة والهادفة التي تحمل مضمونا اجتماعيا، ضمن واقع سياقي تفاعلي.
(دور اللغة في تنظيم المجتمع: اهتم هذا الاتجاه بتحليل المحادثات والتفاعلات الاجتماعية الرمزية، بالتركيز على حديث الأفراد، وطريقة حديثهم، والفضاءات التي يتحدثون فيها. ويشكل هذا كله واقع الفعل الاجتماعي. ومن ثم، التركيز على التواصل اللغوي وغير اللغوي، الصريح أو الضمني الذي يكون بين الأفراد، والقواعد المشتركة التي تتحكم في هذا التواصل التفاعلي والرمزي.
(واقعية المصطلحات العلمية: ويعني هذا أنه من الضروري توظيف المصطلحات نفسها التي يستخدمها الأفراد أثناء تفاعلهم في المجتمع، بالابتعاد، قدر الإمكان، عن المصطلحات السوسيولوجية العلمية التي يوظفها الأخصائيون في مجال السوسيولوجيا. أي: ثمة ما يسمى بالتعبيرات الدالة والتعبيرات الموضوعية. لذا، على الباحثين، في مجال علم الاجتماع، أن يستخدموا التعبيرات الدالة المرتبطة بالحياة اليومية، وبسياق الفعل الاجتماعي العادي واليومي للأفراد الفاعلين. في حين، ترتبط التعبيرات الموضوعية بالعلوم والمعارف العلمية التي تصف الظواهر والأنشطة العلمية.
(مرونة البناء الاجتماعي: ليس هناك بناء مجتمعي ثابت أو نسق يتخذ صورة دائمة بشكل مستقر، بل البناء الاجتماعي يخضع للأفراد، ويتغير بتغيرهم، وبتغير الزمان والمكان. ويعني هذا أن الأنساق الاجتماعية الفردية أنساق مرنة بمرونة الظروف الاجتماعية التي تحيط بهم.
(الاعتماد على المناهج الكيفية: لايعتمد هذا التصور السوسيولوجي على المناهج الكمية التي تستخدم الإحصاء الرياضي كما هو حال الوظيفيين والوضعيين والتجريبيين، بل يدرسون الفرد في ضوء مقاربات كيفية وتفهمية. لأن العواطف الإنسانية لايمكن إخضاعها للتكميم الرياضي، بل المعايشة أصلح منهج لدراسة هذه الظواهر الاجتماعية الفردية اليومية، وأحسن الطرائق المستخدمة في ذلك ليصبح الفعل الفردي فعلا عقلانيا هادفا وراشدا.
مصادر و المراجع :
١- نظريات علم الاجتماع
المؤلف: د. جميل
حمداوي
الطبعة: الأولى
2015 م
حقوق الطبع
محفوظة للمؤلف
27 أبريل 2024
تعليقات (0)