المنشورات
التَّحَمُّل والأداء
لغة: التحمل صيغة تَفَعُّل مأخوذ من حملت الشيء أحمله جملا- بكسر الحاء- إذا كان فى الأثقال المحمولة فى الظاهر، ومنه قوله تعالى} وساء لهم يوم القيامة حِمْلا {(طه 101). وحملت المرأة الجنين فى بطنها حَملا- بفتح الحاء، ومنه قوله تعالى} فلما تغشاها حملت حَمْلا خفيفاً {(الأعراف 189) وحملته الرسالة: كلفته حملها، ومنه قوله تعالى:} مثل الذين حمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها {(الجمعة 5).
والأداء: مأخوذ من أدَّى الشيء أى دفعه، وأدَّى دينه: أى قضاه قال تعالى} إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها {(النساء 58).
واصطلاحا: هذا التعبير استخدمه علماء الحديث ويقصدون به بيان الكيفية التى يستقبل بها الطالب المادة العلمية للحديث الشريف وما يتعلق به- وهو المراد بكلمة التحمل، ثم بيان الأسلوب الذى ينبغى اتباعه فى إبلاغ ما استوعبه الطالب، وهو المعبر عنه بالأداء ... فكلمة التحمل إنما هى خاصة بمرحلة طلب العلم، وكلمة الأداء خاصة بمرحلة إبلاغ العلم، ويمكن تسمية هذا العلم بلغة العصر (الاستقبال والإرسال) أو (التلقى والبلاغ).
ولم يرد هذا التعبير فى كتب المصطلح الأولى، وإنما عبر عنه الأئمة بتعبيرات قريبة من هذا سماه القاضى عياض (ت 544 هـ): أنواع الأخذ وأصول الرواية (1).
وابن الأثير (ت 606هـ) بقوله "مسند الراوى وكيفية أخذه" (2).
وابن الصلاح (ت 643 هـ) بقوله: كيفية. سماع الحديث وتحمله وصفة ضبطه (3).
أما الأصوليون فعبروا عن ذلك أحيانا بقولهم "صفة الرواية" (4) وأحيانا "مراتب الرواية (5).
ولا يشترط للتحمل عقيدة- أعنى إسلاماً فيصح لغير المسلم أن يتحمل العلم، وإن كان لا يصح له الأداء إلا بعد إسلامه، حتى نطمئن على صدق الخبر.
أما بالنسبة للسن، فالقول باشتراط سن محددة لحضور مجالس الحديث غير سديد، بل العبرة بالتمييز وفهم ما يسمع .. وقد حضر الصحابة وهم صغار السن مجالس الحديث. وللتحمل طرق .. وللأداء صيغ ..
فطرق التحمل ثمانية، مرتبة كالتالى: السماع، القراءة، وتسمى العرض عند بعض العلماء، ثم المكاتبة فالمناولة، فالإجازة، فالوصية، فالإعلام، فالوجادة، وهذه الطرق الثمانية بعضها متفق على العمل بها، وهى السماع، والقراءة، والمكاتبة، والمناولة، وبعضها مختلف فيها.
ولكل طريق من طرق التحمل السابقة صيغته التى يؤدى بها، والقاعدة فى هذا الشأن أن أعلى صيغ الأداء لأى طريق ما اشتق من الطريق نفسه، فمن تحمل العلم سماعا يؤديه بقوله: سمعت أو سمعنا؟ وفى القراءة: قرأت أو قرأنا وفى المكاتبة: كتب إلى 0000 إلخ.
وفى طريق السماع رأى الإمام أحمد أن صيغة: حدثنى أو حدثنا أقوى من سمعت أو سمعنا، وحين سئل فى ذلك قال: حدثنى شديد000 يقصد أن الراوى لا يقول حدثنى إلا إذا كان موجودا فى مجلس الحديث0000
بخلاف سمعت فإنها قد تقال على لسان من لم يحضر الحلقة، ولو أردنا تعريفات لطرق التحمل الثمانية نقول:
السماع: أن يسمع الطالب شيخه وهو يحدث بحديثٍ أو بأحاديث من حفظه، أو من كتابه.
القراءة: أن يقرأ الطالب على شيخه حديثا، أو أحاديث من حفظه، أو من كتابه .. أو يستمع إلى من يقرأ على الشيخ، وبعض العلماء يسمى ذلك (عرضا) وبعضهم يغاير بين القراءة والعرض، ويجعل بينهما عموما وخصوصاً.
المكاتبة: أن يرسل الأستاذ إلى الطالب رسالة مكتوبة أو كتابا يحتوى على مروياته.
المناولة: أن يناول الشيخ الطالب كتابه المشتمل على مروياته.
الإجازة: أن يأذن الشيخ للطالب- مشافهة أو كتابة- أن يروى عنه مؤلفاته أو مروياته ..
المناولة: أن يناول الشيخ الطالب بعض مؤلفاته أو مروياته، ويجيزه روايتها صراحة أو كتابة.
الوصية: أن يوصى الشيخ بكتبه أو مروياته بأن تروى عنه عند سفره أو مرضه أو موته.
الوجادة: أن يجد الطالب كتابا أو كتبا لشيخ لم يتمكن الطالب من سماعها من هذا الشيخ. وفى مسند أحمد كثير مرا الروايات من رواية ابنه عبد الله عنه بالوجادة .. يقول: وجدت فى كتاب أبى كذا وكذا ..
أ. د/ مصطفى محمد أبو عمارة
1 - الإلماع للقاضى عياض تحقيق الأستاذ السيد أحمد صقر ص 68، ط الأولى1970م الناشر: دار التراث.
2 - جامع الأصول، لابن الأثير، تحقيق محمد حامد الفقى، 1/ 38 ط الأولى 1370 هـ.
3 - مقدمة ابن الصلاح ص 163 ط الأولى الناشر محمد عبد المحسن الكتبى.
4 - الإحكام فى أصول الأحكام لابن حزم 2/ 262 ط الأولى 4 0 4 1 هـ الناشر: دار الحديث.
5 - شرح مختصر الروضة للطوفى المتوفى (716) 2/ 88 ط الأولى 1410 هـ مؤسسة الرسالة- بيروت.
مصادر و المراجع :
١- موسوعة المفاهيم
الإسلامية العامة
المؤلف: المجلس
الأعلى للشئون الإسلامية - مصر
عدد الأجزاء: 1
أعده للشاملة/
عويسيان التميمي البصري
27 أبريل 2024
تعليقات (0)