المنشورات

التربية والتعليم

التربية اصطلاحاً: استخدم المسلمون اصطلاحات عديدة فى مفهوم التربية لعل من أكثرها شيوعا مصطلحات من مثل: رياضة الصبيان، التأديب، التعليم، وذلك منذ أن كتب الإمام أبو حنيفة النعمان (80 - 150هـ) = (699 - 767 م) أول مؤلف تربوى وصل إلينا وهو كتاب (العالم والمتعلم) وعبر ألف عام تقريبا من المؤلفات والأفكار التربوية التى ألفت من بعده، وبالعودة إلى المعاجم اللغوية العربية (لسان العرب، والمعجم الوسيط، والقاموس المحيط، الصحاح، والمورد) نخلص إلى أن مفهوم التربية محمَّل بالكثير من الدلالات وهى:

الزيادة والنماء، والرعاية، والثقافة، والإصلاح، والسياسة والسيادة، والتدبير لأمور الخلق، والتنمية والاجتماع.

والتأديب مصدر أدب. والأدب الذى يتأدب به الأديب من الناس، ويشمل الأدب: الخُلُق والعقل والحس. ومنها قوله: - صلى الله عليه وسلم - " أدبنى ربى فأحسن تأديبى" (قال السيوطى فى الجامع الصغير: رواه ابن السمعانى عن ابن مسعود).

والرياضة: مصدر روض لها معان متكاملة تفيد الإرواء والاستنبات الدائم والتعليم والتوطئة، وتشمل الرياضة رياضة الجسم والعقل والروح.

التعليم لغة: من علم، وعلمه الشيء تعليما فتعلم ومنه قوله تعالى:} وعلم آدم الأسماء كلها {(البقرة 31)، وقوله تعالى} وعلمك ما لم تكن تعلم {(النساء 113).

التعليم اصطلاحا: عند علماء المسلمين يقتصر على الجانب المعرفى بل يتعداه إلى سائر الجوانب الحركية والوجدانية.

وبذلك تكون التربية الإسلامية من خلال مؤلفات علماء التربية المسلمين ومن خلال الاستخدام القرآنى وأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - مصطلحا شاملا لمجموعة من المفاهيم تعمل مجتمعة لتكون مفهوما واسعا وشاملا يشمل رعاية وتنمية وتأديب وتعليم وتزكية الإنسان بصورة مستمرة فى جميع مراحل حياته حتى يصل إلى أقصى كمال ممكن. وإذا كان الله بأسمائه الحسنى هو الكمال الإلهى المطلق الذى ليس كمثله شىء، وإن حاول المسلم أن يقتبس شيئا من تلك الصفات الحسنى بقدر ما يستطيع فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو القدوة والنموذج والأسوة الذى تكدح التربية الإسلامية للوصول بأصحابها إلى درجات أعلى على هذا السلم النبوى دنيا وديناً.

ومصطلح التربية والتعليم فى الإسلام يستدعى لدى العقل المسلم استمرارية العملية التعليمية مدى الحياة، لما أعطى الله الإنسان من أدوات العلم والمعرفة} والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون {(النحل 78) ولما يناله الإنسان العالم من مكانة وتقدير} يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم {

(المجادلة 11).

ولا يكشف مصطلح التعليم الإسلامى والتربية الإسلامية عن مدلولاتهما الحقيقية إلا بربط هذا التعليم وتلك التربية بأهدافهما الحقيقية وهى تحقيق العبودية لله المذكورة فى قوله تعالى:} وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون {(الذاريات 56) وخلافة الإنسان المذكورة فى قوله تعالى:

} وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة {(البقرة 30) وعمارة الأرض المذكورة فى قوله تعالى:} هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها {(هود 61).

كذلك لا يكشف مصطلح التعليم الإسلامى والتربية الإسلامية عن مدلولاتهما الحقيقية إلا بربط هذا التعليم وتلك التربية بالمربى الحقيقى للإنسان وهو} رب العالمين {، والمعلم المثالى للإنسان محمد - صلى الله عليه وسلم -. فكل العلوم والمعارف الإسلامية توصّل إلى الله} إنما يخشى الله من عباده العلماء {(فاطر 28) وكل العلوم والمعارف من عطاء الله وتوفيقه وفضله على عباده} سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا {(البقرة 32)،} يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب {(البقرة 269) والرسول - صلى الله عليه وسلم - " هو النموذج والأسوة" لكل عالم ومتعلم العلم الذى يربط الإنسان بريه، ويعمر الكون، ويصلح الإنسان} لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا {(الأحزاب21). بكل هذه المعانى كانت التربية وكان التعليم الإسلامى فى عصور ازدهاره، وكأن من ثمار تلك التربية الإسلامية بمدلولاتها الحقيقية ما قدمته من نماذج بشرية رائعة فى شتى المجالات العلمية والبشرية والدينية والأدبية والفنية.

أ. د/ عبد الرحمن النقيب











مصادر و المراجع :

١- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة

المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر

عدد الأجزاء: 1

أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید