المنشورات
التعاون
لغة: العون الظهير على الأمر، والجمع أعوان، وتعاونَّا: أعان بعضنا بعضا، والمعونة: الإعانة، ورجل معوان: كثير المعاونة للناس.
واصطلاحا: فى علم الاجتماع هو التضامن والتعاضد.
قال ابن خلدون: فلابد للإنسان فى تحصيل الغذاء والدفاع عن النفس من التعاون عليهم بأبناء جنسه، وما لم يكن هذا التعاون، فلا يحصل لهم قوت ولا غذاء ولا تتم حياته. وإذا كان له التعاون حصل له القوت للغذاء، والسلاح للمدافعة.
وقد وردت مشتقات (عون) فى القرآن منها أعانه بمعنى ساعده وقواه، كقوله تعالى:} وقال الذين كفروا إنْ هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون {(الفرقان 4) والمستعان المطلوب منه العون} والله المستعان على ما تصفون {(يوسف 18).
والإسلام يربى المسلمين عموما والناشئين خصوصاً على التعاون فى القيام بكل عمل يحقق مصلحة للمؤمنين، أو يدفع عنهم مضرة، وذلك أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش وحده فى غنى عن الناس بحال من الأحوال ومادام الإنسان محتاجا إلى غيره من الناس بالضرورة فهم كذلك محتاجون إليه، ولا يتم تبادل الاستجابة لتغطية هذه الحاجات إلا بالتعاون.
والإسلام الحنيف قد قيد التعاون بقيد إنسانى رفيع القدر عالى القيمة، إذ شرط فيه أن يكون تعاونا على البر والتقوى، وحرمه إن كان تعاونا على الإثم والعدوان لقوله تعالى:} وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان {(المائدة 2) قال القرطبى: هو أمر لجميع الخلق بالتعاون على البر والتقوى أى ليعن بعضكم بعضا، وتحاثوا على ما أمر الله واعملوا به، وانتهوا عما نهى الله عنه. وقال الماوردى: ندب الله تعالى إلى التعاون على البر، وقرنه بالتقوى لأن فى التقوى رضا الله تعالى، وفى البر رضا الناس، ومن جمع بين رضا الله تعالى ورضا الناس فقد تمت سعادته وعمت نعمته.
وقال ابن خويز منداد فى أحكامه: والتعاون على البر والتقوى يكون بوجوه: فواجب على العالم أن يعين الناس بعلمه، ويعينهم الغنى بماله، والشجاع بشجاعته فى سبيل الله، وأن يكون المسلمون كاليد الواحدة لقوله - صلى الله عليه وسلم - " المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم".
قال تعالى:} والعصر إن الإنسان لفى خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر {(العصر 1 - 3).
قال الإمام الشافعى إن الناس أو أكثرهم فى غفلة عن تدبر هذه السورة، والتواصى بالحق تعاون عليه، والتواصى بالصبر تعاون عليه كذلك وكلاهما يقوى الروابط بين الناس.
وإن هذا التعاون والتناصر هو الذى يغرس المحبة بين المسلمين، روى الإمام مسلم بسنده عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تتدابروا وكونوا عباد الله إخوانا".
وقال الماوردى: واعلم أن الدنيا لم تكن قط لجميع أهلها مسعدة، ولا عن كافة ذويها معرضة، لأن إعراضها عن جميعهم عطب، وإسعادها لكافتهم فساد، لائتلافهم بالاختلاف والتباين، واتفاقهم بالمساعدة والتعاون، فإذا تساوى حينئذ جميعهم، لم يجد أحدهم إلى الاستعانة بغيره سبيلا، وأما إذ تباينوا واختلفوا، صاروا مؤتلفين بالمعونة متواصلين بالحاجة، لأن ذا الحاجة وصول والمحتاج إليه موصول قال تعالى:} ولا يزالون مختلفين. إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم {(هود 118 - 119) قال الحسن: مختلفين فى الرزق، هذا غنى وهذا فقير ولذلك خلقهم يعنى لاختلافهم بالغنى والفقر.
والتعاون فى علم الاقتصاد مذهب اقتصادى شعاره الفرد للجماعة، والجماعة للفرد. ومظهره تكوين تعاونيات تقوم بعمل مشترك لمصلحة الأعضاء كتعاونيات الإنتاج، وتعاونيات المال وتعاونيات الاستهلاك. فتعاونيات الاستهلاك هى التى يتعاون أفرادها على شراء ما يحتاجون إليه بأسعار معتدلة تحذف منها أرباح الوسطاء، فهى تهدف إلى حماية المستهلكين، وتوفير حاجة المعيشة لهم، وضمان أسباب الرغد والرخاء، ووسيلته هو محو حلقة الوسطاء من سلسلة الاقتصاد القومى فيصبح المستهلكون موردين لأنفسهم بل مشترين وبائعين فى آن واحد، ويحصلون على حاجاتهم بسعر نفقة الإنتاج.
(هيئة التحرير)
مصادر و المراجع :
١- موسوعة المفاهيم
الإسلامية العامة
المؤلف: المجلس
الأعلى للشئون الإسلامية - مصر
عدد الأجزاء: 1
أعده للشاملة/
عويسيان التميمي البصري
27 أبريل 2024
تعليقات (0)