المنشورات
التنوير
لغة: وقت إسفار الصبح، يقال: قد نور الصبح تنويرا، والتنوير: الإنارة، والتنوير: الإسفار، كما فى اللسان (1).
واصطلاحا: التنوير ( Renaissance): ظهر فى القرنين السادس عشر والسابع عشر تعبيرا عن الفكر الليبرالى البورجوازى ذى النزعة الإنسانية العقلية والعلمية والتجريبية، كما يتضمن هذا الفكر نزعة مادية واضحة بعد إقصاء اللاهوت، وذلك بإحلال الطبيعة والعقل بدلا من الفكر الغيبى الثيولوجى والخرافى فى تفسير ظواهر العالم ووضع قوانينه.
وأطلق على هذا العصر- القرنين: السادس عشر والسابع عشر عصر النهضة ويقصد بها التحررمن السيطرة الطاغية: سيطرة الملوك والأمراء، ومن سيطرة التقاليد والعادات وتخلصا من سيطرة الكنسية واللاهوت.
وقد شاع هذا المصطلح "التنوير" فى العالم العربى خلال القرن التاسع عشر الميلادى تحت مفهوم: الحداثة، نتيجة لقاء الحضارة العربية مع الحضارة الأوروبية، وكان يعنى: نفض الغبار الذى ران على العقل العربى الإسلامى خلال عصور الانحطاط التى بدأت منذ السادس الهجرى (الثانى عشر الميلادى) وتجديد الفكر العربى الإسلامى لمواجهة الفكر الغربى.
ومع ذلك لم تقطع حركة التنويرالعربية الإسلامية علاقتها بالتراث العربى الإسلامى، بل اتجهت إلى إحياء جوانبه العقلية والعلمية والتجريبية، وربطها بالحضارة الحديثة فلم تكن حركة تقليد للوافد الجديد، ولا تمسكا حرفيا بالقديم الموروث، بل كانت محاولة للتجديد فى إطار عربى إسلامى.
وقد بدأت هذه الحركة بومضات استنارة، ظهرت فى فكر الكواكبى، والشيخ حسن العطار، ورفاعة الطهطاوى، واتضحت معالمها فى فكر جمال الدين الأفغانى، وتلميذه الإمام محمد عبده، ومدرسة المنار: مصطفى عبد الرازق، ومحمود شلتوت، ومحمد البهى وغيرهم، إذ لم يجد هؤلاء الرواد تعارضا بين تعاليم الإسلام وبين استخدام العقل فى فهم الكون والطبيعة والإنسان، ولم يجدوا بأسا فى الأخذ بأساليب المدنية الحديثة، فلقد دعا جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده وتلاميذهما إلى أن الإسلام منور للعقول بإشراق الحق، فحث المسلمين على البحث فى جميع فروع العلوم المدنية؟ إذ تلزم العقيدة معتنقيها بالتبصر فى الفنون والعلوم، كالطبيعة، والكيمياء، والهندسهة، والفلك. وغيرها. وبذلك أدى هؤلاء المصلحون خدمة للدين والعلم معا؟ بما أكدوا على حرية العقل من المنظور الدينى، وبما أنهوا من أسباب العداوة بين الدين والعلم فى المجتمع المعاصر.
ولم يكن ظهور الاتجاه العقلى فى الفكر الإسلامى فى القرن التاسع عشر الميلادى بداية عصر التنوير فى المجتمع الإسلامى بل كان إحياء لظاهرة فكرية قديمة، قادها المعتزلة، وابن رشد، وابن خلدون، وغيرهم ممن كان للعقل المقام الأول فى نظرتهم للكون والطبيعة والإنسان، بل إن من الباحتين من يرى أن إخوان الصفا هم رواد التنوير فى الفكر الإسلامى، ويستدل على ذلك بأنهم دعوا فى رسائلهم إلى استخدام العقل ورفض التعصب الدينى والمذهبى، وإنكار "تكفير" الفرقاء لأسباب فكرية دينية وغير ذلك من الأفكار التى تعد معالم للفكرالتنويرى، بل ذهب بعضهم إلى أن فكر ابن خلدون -فى جوهره- منقول عن إخوان الصفا، وأن ابن النفيس اقتبس -أو نقل- عنهم كثيرا من أفكاره.
أ. د/محمد شامة
مصادر و المراجع :
١- موسوعة المفاهيم
الإسلامية العامة
المؤلف: المجلس
الأعلى للشئون الإسلامية - مصر
عدد الأجزاء: 1
أعده للشاملة/
عويسيان التميمي البصري
27 أبريل 2024
تعليقات (0)