المنشورات

الروح

اصطلاحا: قال العلماء: لا نعلم حقيقتها وهو مما جهل العباد بعلمه مع التيقن بوجوده بدليل قوله تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} (الإسراء 85) ووجود الروح أمر متفق عليه فى كل الأديان السماوية، كما قال اليهود لقريش: اسألوا محمدا عن ثلاثة أشياء فإن أخبركم عن شيئين وأمسك عن الثالث فهو نبى، اسألوه عن أصحاب الكهف وعن ذى القرنين وعن الروح.

ولا يلزم عن عدم العلم بحقيقتها المخصوصة نفيها مطلقا وهذا هو المراد بقوله تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} (الإسراء 85).

والروح عند أهل السنة هى عبارة عن ذات قائمة بنفسها تصعد وتنزل وتتصل وتنفصل وتخرج وتذهب وتجىء وتتحرك وتسكن وهذا ما جاء فى القرآن الكريم حيث قال تعالى: {ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم} (الأنعام 93) وقال تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة. ارجعى إلى ربك راضية مرضية. فادخلى فى عبادى. وادخلى جنتى} (الفجر 27 - 30) وهذا يقال لها عند المفارقة للجسد، وقال تعالى: {ونفس وما سواها. فألهمها فجورها وتقواها} (الشمس 8 - 9). ولقد سوى الله تعالى البدن كما سوى النفس، بل سوى البدن كقالب للنفس، فتسوية البدن تابع لتسوية النفس والبدن موضع لها، ومن هنا نعلم أنها تأخذ من بدنها صورة تتميز بها عن غيرها، فيتأثر البدن وينتقل عنها فيكتسب البدن الطيب والخبث من طيب النفس وخبثها، والنفس أيضا تكتسب الطيب والخبث من البدن، فأشد الأشياء ارتباطا وتناسبا وتفاعلا، وتأثرا من أحدهما بالآخر الروح والبدن، ولهذا يقال لها عند المفارقة: اخرجى أيتها النفس الطيبة، التى كانت فى الجسد الطيب واخرجى أيتها النفس الخبيثة التى كانت فى الجسد الخبيث.

والروح عند الفلاسفة عبارة عن نور روحانى آلة للنفس كما أن السرَّ آلة لها أيضا، فإن الحياة فى البدن إنما تبقى بشرط وجود الروح فى النفس. وقيل: إن النفس جسم كثيف والروح فيه جسم لطيف، والعقل فيه جوهر نورانى، وقيل: إن الروح لطيف مودع فى القلب منه الأخلاق والصفات المحمودة.

وأما الصوفية فالروح عندهم خفى لذا يسميه السالكون بالأخفى. فقيل: إنه نور لطيف من السر والروح، وهو أقرب إلى عالم الحقيقة وثمة روح آخر ألطف من هذه الأرواح.

والقائلون بتجرد الروح يقولون: الروح جوهر مجرد متعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف، وإليه ذهب أكثر أهل الرياضيات وقدماء المعتزلة وبعض الشيعة وأكثر الحكماء، وهى النفس الناطقة.

والروح عند الأطباء عبارة عن جسم لطيف بخارى يتكون من لطافة الأخلاط وبخاريتها كتكون الأخلاط من كثافتها وهو الحامل للقوى الثلاث، وبهذا الاعتبار تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 - روح حيوانى 2 - روح نفسانى 3 - روح طبيعى.

وقد أجمع المسلمون على أن الروح مظهر الذات الإلهية من حيث ربوبيتها، ولذلك فلا يمكن أن يحوم حولها حائم ولا يروم وصلها رائم، لا يعلم كنهها إلا الله تعالى. والروح حادثة وليست قديمة ويظهر أنها تحدث بعد تسوية الجسم، وتتصل به، وتحل فيه، وهو جنين. كما جاء ذلك فى حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " إن أحدكم يُجْمَعُ نطفة فى بطن أمه أربعين يوما. ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مُضْغَةً مثل ذلك. ثم يرسل الله تعالى الملك فينفخ فيه الروح. ويؤمر بأربع كلمات: يكتب رزقه، وأجله وعمله، وشقى أم سعيد" (رواه مسلم).

والروح والنفس معناهما واحد، يقول تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} (الزمر 42).

وقد ذكر القرآن النفس الأمارة بالسوء، والنفس اللوامة والنفس المطمئنة. والروح بعد مفارقتها للجسد يكون الموت. وتبقى هى مدركة تسمع من يزورها، وتعرفه، وترد عليه السلام وتحس لذة النعيم، وألم الجحيم.

(هيئة التحرير)










مصادر و المراجع :

١- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة

المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر

عدد الأجزاء: 1

أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید