المنشورات
السِّحْر
لغة: يقال: سحره: خدعه (أى عمل له السحر) أو استماله وفتنه وسلب لبه، وسحره عن كذا: صرفه وأبعده، وجمع السحر أسحار، وسحور، وصفة المذكر: ساحر والجمع سحرة وسحار، قال الأزهرى: وأصل السحر: صرف الشىء عن حقيقته إلى غيره، فكأن الساحر لما رأى الباطل فى صورة الحق، وخيل الشىء على غير حقيقته - قد سحر الشىء عن وجهه، أى صرفه (1).
واصطلاحا: عمل يتقرب فيه إلى الشيطان وبمعونة منه، وهو كل عمل لطف مأخذه ودق، وكل أمر يخفى سببه ويتخيل على نكير حقيقته ويجرى مجرى التمويه والخداع.
ولقد دأب الإنسان منذ فجر التاريخ على ممارسة السحر باعتباره وسيلة للسيطرة على الطبيعة، مثل: إسقاط الأمطار، أو حدوث التحاريق، أو إثارة الريح والزوابع، أو كسبب فى الأمراض والحوادث المميتة التى تصيب الإنسان والزرع والضرع، ولذا قد شاع بين المجتمعات الوثنية، كما انتشر فى المجتمعات التى تدين بالأديان السماوية.
وكان موقف الكنيسة من السحرة متأرجحا، فقد تشددت فى محاربتهم فى بادىء الأمر، وعملت كل ما تستطيع لإبطال مفعول السحر السئ والشرير، إذ أصدرت فى أواخر القرن التاسع الميلادى قرارا بتوقيع الحرمان الكنسى على السحرة، إلا أنها كانت أقل تشددا فى الفترة بين (1258 - 1260م)
حيث نصح البابا "ألكسندر الرابع" بعض المحققين فى محاكم التفتيش أن يبذلوا قصارى جهدهم فى اكتشاف الهرطقة والضرب عليها من حديد، مع ضبط النفس فى حالة السحرة، ثم عادت الكنيسة إلى اتخاذ موقف من السحرة أكثر تشددا فى عام 1948م عندما أدخل البابا "أنسونت الثامن" تعديلات على الموقف البابوى المتساهل تجاه السحرة، وأصدرت تعليمات مشددة إلى محاكم التفتيش بألا تأخذهم أدنى شفقة أو رحمة بهم.
ويعتبر السحر من الموبقات السبع التى حذر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين من الاقتراب منها، حيث أمر باجتنابها فى قوله صلى الله عليه وسلم (اجتنبوا الموبقات السبع، قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال (الشرك بالله، والسحر وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولى يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) رواه مسلم (2).
وقد جاء فى الروايات أن حده القتل، لقوله صلى الله عليه وسلم (حد الساحر ضربة بالسيف) رواه الترمذى (3)، ويرى الشافعى أن الساحر يقتل إذا كان يعمل فى سحره ما يبلغ به الكفر، فإذا عمل عملا دون الكفر فلا يقتل.
وليس السحر سوى محض تمويه، بدليل قوله تعالى {فلما ألقوا سحروا أعين الناس} الأعراف:116، إذ قال المفسرون لو كان السحر حقا، لكانوا قد سحروا قلوبهم لا أعينهم، فثبت أن المراد: أنهم تخيلوا أحوالا عجيبة مع أن الأمر فى الحقيقة ما كان على وفق ما تخيلوا، ذلك أن السحرة أتوا بالحبال والعصى، ولطخوا تلك الحبال بالزئبق، وجعلوا الزئبق فى دواخل تلك العصى، فلما أثر تسخين الشمس فيها تحركت والتوت بعضها على بعض -وكانت كثيرة جدا - تخيل الناس أنها تتحرك وتتلوى باختيارها وقدرتها.
أ. د/محمد شامة
مصادر و المراجع :
١- موسوعة المفاهيم
الإسلامية العامة
المؤلف: المجلس
الأعلى للشئون الإسلامية - مصر
عدد الأجزاء: 1
أعده للشاملة/
عويسيان التميمي البصري
28 أبريل 2024
تعليقات (0)