المنشورات

الشرك

اصطلاحا: هو ادعاء وجود شريك لله. فى ملكه أو فى صفاته، أو فى أفعاله، أو هو عبادة معبود آخر مع الله.

ونقيض الشرك هو: " " التوحيد"، وهو. اعتقاد أن الله واحد فى ذاته وفى صفاته، وفى أفعاله. وقد أقام القرآن الكريم عدة أدلة على وحدانية الله، منها قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} (الأنبياء 22)، وكذلك آيات سورة النمل التى تختتم كل واحدة منها بقوله تعالى: {أإله مع الله} (النمل 60 - 64).

ولقد اهتمت السور المكية- بصفة خاصة - بإثبات عقيدتين أساسيتين فى الإسلام:

أولاهما: وحدانية الله تعالى، ووجوب إفراده وحده بالعبادة، ولذلك تكررت عبارة واحدة على السنة جمع من الرسل- (نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام) وهى] يا قوم اعبدو الله مالكم من إله غيره [فى سورة) الأعراف)، وفى سورة "هود" وفى سورة "المؤمنون" ثم هذه العبارة الجامعة .. {ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى اليه أنه لا إله الا أنا فاعبدون} (الانبياء25).

أما العقيدة الثانية: فهىعقيدة الإيمان باليوم الآخر، فالسور المكية تمتلىء بالأدلة على وقوع البعث بعد الموت ووصف اليوم الآخر وما فيه من حشر وسؤال أن ونعيم وعذاب.

وقد وردت كلمة الشرك وما يشتق منها فى القرآن الكريم نحوا من (184) مرة، فالقرآن الكريم فى آياته يجادل المشركين ويهددهم بالعذاب يوم القيامة (القصص 62 - 64) ويؤكد لهم ان معبوداتهم لا تملك لهم نفعا ولا ضراً ولن تغنى عنهم شيئا (الأنعام 94) وبذلك يبطل دعواهم أنها تشفع لهم عند الله، حيث قالوا: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} (الزمر 3)، وانظر أيضا. (يونس18)، (الروم 13)، (الزمر 38) - كما ينذرهم القرآن الكريم بأنهم سيكونون هم وما يعبدون من دون الله وقود جهنم (الأنبياء98، وما بعدها)، بل إن هؤلاء الذين يعبدونهم من دون الله سينقلبون عليهم يوم القيامة، ويتبرأون من عبادتهم لهم، ويكونون عليهم ضدا (سورة مريم 82)، (يونس28 وما بعدها) - ويحرم القرآن على المؤمنين أن يتزوجوا من المشركات حتى يؤمن، كما يحرم عليهم آن يزوجوا بناتهم من المشركين حتى يؤمنوا (البقرة 221)، وقد نص القرآن الكريم صراحة على آن المشركين هم أشد الناس عدأوة للذين آمنوا- هم واليهود- {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} (المائدة 82) - كما لا يحل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى (التوبة- 113)

وقد أعلن النبى - صلى الله عليه وسلم - براءته من المشركين- (التوبة 3) - وينص القرآن الكريم على أن الله تعالى يغفرجميع الذنوب لمن يشاء من عباده - ما عدا الشرك- فإنه لا يغفره إلا بالرجوع عنه والدخول فى الإسلام: {إن الله لا يغفرأن يشرك به ويغفرما دون ذلك لمن يشاء} (النساء 48،116).

وقد وصف القرآن الكريم الشرك بأنه ظلم عظيم (لقمان 13) ومع أنه أمر الإنسان بطاعة والديه فى كثير من آياته، إلا أنه نهاه عن طاعتهما إذا طلبا منه أن يشرك بالله: {وان جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما} (القمان15). ومع ذلك يأمره بأن يصاحبهما- رغم شركهما- بالمعروف.

وقد سألت "أم حبيبة" بنت أبى سفيان- زوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أبيها، وكان لا يزال مشركا. وقد قدم لزيارتها- هل يباح لها. أن تكرمه؟ فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك وهناك أنواع أخرى من الشرك- غير اتخاذ شريك لله فى العبادة- ويطلق على هذه الأنواع اسم "الشرك الأصغر" أو "الشرك الخفى"- وفيها يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - " اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى فى أمتى من دبيب النمل " فقال من شاء الله أن يقول: وكيف وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه" (أخرجه أحمد فى مسنده) وعن أبى سعيد الخدرى - رضي الله عنه - عنه قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ونحن نتذاكر المسيخ الدجال، فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندى من المسيخ الدجال؟ قلنا: بلى، قال: الشرك الخفى، أن يقوم الرجل يصلى فيزين صلاته لما يرى من نظر الناس، (رواه ابن ماجه) كما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر- قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء- يقول الله عز وجل للمرائين يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم: "اذهبوا إلى الذين كنتم

تراء ون فى الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟ " (أخرجه أحمد فى مسند هـ) وإنما جعل الرياء فى العبادة نوعا من الشرك الخفى لأن المرائى قد قصد بعبادته شيئا آخر سوى الله، فكأنه جعل شريكا لله. كما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " التطير، نوعا من الشرك، فقال: "الطيرة شرك، ولكن الله يذهبه بالتوكل " فقدر التطيرشركا بالله فى جلب النفع أو دفع الضر، ولكنه ليس شركا حقيقيا، لأنه يذهب بالتوكل على الله- وهذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذى وقال: حديث حسن صحيح.

وقد يقع التباس بين الشرك والكفر- غير أن الكفر "أعم من الشرك ". فهو وصف لجميع الذين لا يؤمنون بالله إيمانا يتفق مع ما جاءت به العقيدة الإسلامية، كما يوصف به جميع الذين رفضوا الدين الذى جاءتهم به أنبياؤهم- وعلى هذا تشمل كلمة الكفر "اليهود والنصارى وأمثالهم ممن انحرفوا بعقيدة التوحيد، كما تشمل أيضا المشركين الذين أشركوا مع الله غيره فى عبادته- يقول الله تعالى: {لم يكن الذين كفروا من آهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تآتيهم البينة} (البينة 1) ويقول {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين فى نار جهنم} (البينة 6). وإنما دخلت "الباء" فى قوله تعالى: {لا تشرك بالله} ونحوه: لآن معناه لا تعدل به غيره فتجعله شريكا له، وفى قوله: {والذين هم به مشركون} أى أنهم عبدوا الله وعبدوا معه الشيطان- أى أطاعوه- فصاروا بذلك مشركين، وفى حديث تلبية الجاهلية-: " لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك " يريدون أن "الصنم " وما يملكه ويختص به والنذور التى تقدم إليه كلها ملك لله وحده- ومع ذلك لم ينفعهم طوافهم ولا تلبيتهم ولا قولهم فى الصنم "هو لك" ولا قولهم "تملكه وما ملك "- مع تسميتهم الصنم شريكا- بل حبط عملهم بهذه التسمية، ولم يصح لهم التوحيد مع الاستثناء ولا نفعتهم معذرتهم بقولهم] ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله زلفى [.

أ. د/ صفوت حامد مبارك







مصادر و المراجع :

١- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة

المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر

عدد الأجزاء: 1

أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید