المنشورات

العقل

لغة: مأخوذ من عقال البعير إذا عقله صاحبه بالحبل؛ ليمنعه من السير، والعقل فيه معنى المنع؛ لأنه يمنع صاحبه عن العدول عن سواء السبيل، ويسمى فى القرآن بالحجر، وذو الحجر ذو العقل، وأولوا الألباب: أصحاب العقول، وكذلك أولوا النُّهى.

وحذف الحرف الخامس من التفعيلة العروضية "مفاعلتن " يسمى عقلا وهى اللام المتحركة لتصبح التفعيلة مفاعتن. ويسمى البيت معقولا.

واصطلاحا: عند الفلاسفة يطلق على معان كثيرة.

هو جوهر بسيط يدرك الأشياء بحقائقها. جوهر مفارق للمادة فى ذاته مقارن لها فى فعله، وهو النفس الناطقة فى الإنسان المشار إليها "بأنا ".

العقل جوهر لطيف روحانى يتعلق بالبدن تعلق تدبير وتصريف، العقل قوة النفس الناطقة مغاير لها فى الفعل. فالنفس هى الفاعلة والعقل أداة لها فى الفعل بمنزلة السكين بالنسبة لفعل القطع.

وقيل: العقل- النفس- الذهن، أسماء مختلفة لمسمى واحد، وتسمى نفسا لكونها متصرفة فى البدن، وتسمى عقلا لكونها مدركة، وتسمى ذهنا لكونها مستعدة للإدراك.

وقيل العقل قوة تدرك به حقائق الأشياء محلها الرأس وقيل محلها القلب.

ويستعمله الفلاسفة فى:
1 - إدراك العمليات الذهنية التى يتم بها إدراك الأشياء، والبرهنة عليها، لنميز بها بين الصواب والخطأ فى الأقوال والأفعال، والحق والباطل فى الاعتقاد.
2 - يطلق على المبادئ الأولية المؤسسة لليقين البرهانى التى يلتقى عليها العقلاء، بلا خلاف بينهم.
3 - القوة التى يتم بها تجريد المعانى الكلية من المحسوسات الجزئية، ومن شأنها انتزاع الصور من الهيولى وبتصورها مجردة من موادها المحسوسة، ليصح لنا أن نعقل الماهيات المجردة.

وينقسم العقل إلى عقل عملى وعقل نظرى، فالعقل النظرى ينصب على الإدراك والمعرفة أما العقل العملى فيطلق على السلوك الأخلاقى.

وأرسطو يقسم العقل إلى عقل بالفعل وعقل بالقوة، أحدهما فاعل والآخر منفعل ولا غنى لأحدهما عن الآخر.

والعقل الفعال يسميه الفلاسفة بالعقل العاشر آخر سلسلة العقول العشرة (فى نظرية الفيض) وهو عند ابن سينا والفارابى مشرق على ما تحت ملك القمر (العالم) وهو صورة مفارقة بريء عن المادة وعلائقها. والعقل قوة تدرك بها الماهيات المجردة. وتدرك بها المعانى المتقابلة (الوجود والعدم- الجوهر والعرض) وندرك به النسب والإضافات، وتدرك به مباحث عامة فى كل علم كما تدرك به وجودات غير مادية لا تقبل المادة ولا تحل بها أصلا.

والعقل الهيولانى استعداد فطرى محض لإدراك المعقولات ويسمى عقلا بالقوة، لأنه قوة محضة خالية عن الفعل (كفعل الطفل) وسمى هيولانيا، لأنه يشبه النفس فى حال خلوها من الصورة الجسمية.

العقل بالملكة، هو علم بالضروريات واستعداد النفس لاكتسابها. وعند أرسطو هو عقل هيولانى، وقد حصل فيه المقولات الأولى.

العقل بالفعل هو أن تصير النظريات مختزنة بالفعل، بحيث لا يغيب عن المرء إدراكها بالقوة العاقلة، لكثرة تكرارها بحيث تصير ملكة يستحضرها المرء متى شاء من غير صعوبة العقل المستفاد. استحضار (أن تحضر عنده) النظريات التى أدركها بحيث لا تغيب عنه.

والعقل العملى عند ابن رشد هو قوة للنفس هى مبدأ تحريك القوة الشوقية إلى ما يختار من الجزئيات من أجل غاية مظنونة. هو السبب لكل ما هو بالقوة عقل فى أن يصير بالفعل عقلا.

العقل القدسى حال للعقل الهيولانى، يكون مستعدا فيه للاتصال بالعقل الفعال كأنه يعرف كل شيء عن نفسه، ومنه عقل الكل، ويقال لمعنيين: أحدهما جملة العالم، والثانى الجرم الأقصى الذى يقال له جرم الكل، ولحركته حركة الكل، وأما الكل بالاعتبار الثانى فهو العقل الذى هو جوهر مجرد عن المادة من كل الجهات، وهو الذى يحرك الكل على سبيل التشوق لنفسه، ووجوده- أول وجود مستفاد عن الوجود الأول.

العقل الكلى هو المعنى المعقول المقول على كثيرين مختلفين بالعدد من العقول التى لأفراد الناس.

والعقل باعتباره مدركا للماهيات يسمى عقلا نظريا وإذا حكم على الأشياء بأنها خيرأو شر سمى عقلا عمليا.

أ. د/ محمد السيد الجليند











مصادر و المراجع :

١- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة

المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر

عدد الأجزاء: 1

أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید