المنشورات

الفىء

لغة: مصدر فاء يفىء بمعنى رجع، فالفىء هو الرجوع كما فى المعجم الوسيط (1).
واصطلاحا: ما يرجع من أموال الكافرين إلى المسلمين بدون قتال ولا ركوب خيل، وقد ذكره الله فى كتابه: {وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شىء قدير} الحشر:16، وذلك مثل الأموال المبعوثة مع رسول إلى إمام المسلمين، والأموال المأخوذة على موادعة أهل الحرب (2) والفرقي بينه وبين الغنيمة من جهتين:
1 - أن الغنيمة تكون بالحرب وإيجاف الخيل، والفىء يكون بدون ذلك.
2 - أن تقسيم الغنيمة يختلف عن تقسيم الفىء، مع أن الجميع من أموال الكافرين.
وقد شرعه الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته قال تعالى {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم} الحشر:7، وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: كانت أموال بنى النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وكانت للنبى خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقى يجعله فى الكراع والسلاح.
وقد اختلف الفقهاء فى قسمة الفىء فقال قوم: أن الفىء لجميع المسلمين، الفقير والغنى، وإن الإمام يعطى منه للمقاتلة وللحكام وللولاة، وينفق منه فى النوائب التى تنوب المسلمين، كبناء القناطر وإصلاح المساجد، وغيرذلك، ولا خمس فى شىء منه، وبه قال الجمهور-عدا الشافعى- وهو الثابت عن أبى بكر وعمر (4) وهذا هو المعنى العام للآية الكريمة، حيث بينت أنه لله وللرسول، فما لله فهو لمصالح المسلمين، وما للرسول فهو لنفقته صلى الله عليه وسلم فى حياته، ثم لمصالح المسلمين بعد مماته، وكذلك ذووا القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، فلم يبق أحد من المسلمين إلا وله حق فى مال الفىء.
أما الشافعى فيرى أن الفىء يخمس أى يقسم على خمسة أسهم: سهم منها يقسم على المذكورين فى آية الفىء وهم أنفسهم المذكورون فى آية الغنيمة، وأربعة أخماس لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتهاد الإمام بعده، ينفق منه على نفسه وعلى عياله ومن يري.
والصحيح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو قول الشافعى فى القديم: أن الفىء لا يخمس وإنما كله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذكروا معه فى قوله {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان .. } الحشر:10.
فيكون عاما لجميع المسلمين بناء على اجتهاد الإمام، قال ابن المنذر: ولا نحفظ من أحد قبل الشافعى فى الفىء الخمس كخمس الغنيمة (5) وقد روى أن عمر لما قرأ آية الفىء قال: "استوعبت هذه الآية الناس، فلم يبق أحد من المسلمين إلا له فى هذا المال حق" (6).
وعلى قول الشافعى يقسم الفىء على خمسة أسهم:
الأول: لله وللرسول صلى الله عليه وسلم ينفق منه على نفسه وأهله وما فضله جعله فى سائر المصالح.
الثانى: لذوى القربى (بنى هاشم وبنى المطلب).
الثالث: لليتامى.
الرابع: للمساكين.
الخامس: لأبناء السبيل.
والأخماس الأربعة الباقية بعد تقسيم الخمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى حياته، ولمصالح المسلمين بعد مماته توضع فى بيت المال ويصرف فى مصالح العامة. (7).
والخلاف بين الشافعى والجمهور بسيط لأن كليهما يعود إلى مصالح المسلمين فى حياته وبعد مماته صلى الله عليه وسلم كما رأينا.
وقد ذكر البهوتى من الحنابلة ما يؤكد ذلك فى بيانه لمعنى الفىء وموارده ومصارفه فى الفقرة التالية:
وموارد الفىء عديدة منها:
1 - ما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب كما سبق.
2 - الجزية.
3 - الخراج.
4 - زكاة نصارى تغلب.
5 - عشر مال تجارة الحربى.
6 - نصف العشر من تجارة الذمى.
7 - ما تركه الكافرون فزعا وهربا.
8 - خمس خمس الغنائم.
9 - مال من مات منهم ولا وارث له.
10 - مال المرتد إذا مات على ردته.
ويصرف كل ذلك الفىء فى مصالح المسلمين للآيتين، ولهذا لما قرأ عمر الآيات (7 - 10) من سورة الحشرقال: "هذه استوعبت المسلمين"، وقال: أيضا "ما من أحد من المسلمين إلا له فى هذا المال نصيب إلا العبيد".
وذكر أحمد الفىء فقال: فيه حق لكل المسلمين، وهو بين الغنى والفقير، ولأن المصالح نفعها عام، والحاجة داعية إلى فعلها تحصيلا لها، ويبدأ بالأهم فالأهم من المصالح العامة (8).
أ. د/محمد نبيل غنايم










مصادر و المراجع :

١- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة

المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر

عدد الأجزاء: 1

أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید