المنشورات

المتناهي

اصطلاحا: المتناهى مأخوذ من لفظ النهاية، وهو الحد أو الطرف الذى به يصير الشىء ذو الكمية، بحيث لا يكون وراءه مزاد شىء فيه. والنهاية عند الصوفية الرجوع إلى المبدأ الذى هو الله تعالى، أو إلى الصفاء الذى كان فى عالم الأرواح قبل التعلق بالجسد.

والمتناهى ما له نهاية ويمكن قياسه، والمتناهى هو المحدود، والرياضيون يسمون النهايات حدودا وأطرافا، فنهاية الخط المتناهى نقطة، ونهاية السطح المتناهى خط، والآن للزمان، ويقابله اللامتناهى.

ونشأ على التناهى مذهب يقرر أن العدد اللامتناهى ممتنع، وأن كل مجموع واقعى يجب أن يكون متناهيا، ويرفض نظريات الاتصال التى تضع بين الأشياء فوارق غير متناهية.

وهناك مقابلة بين طرفين من المفاهيم النهاية واللانهاية، والصفة منهما على التوالى النهائى واللانهائى. ويدل على نفس المعنى المتناهى واللامتناهى، كما يستخدم أحيانا كثيرة فى نفس المعنى تعبيرات: المحدود واللامحدود، والتناهى يدل على حد الشىء، واللامتناهى على انعدام وجود الحد. والحد هو الطرف الأخير أو الغاية.

ويستخدم المفهومان فى الرياضيات استخداما واسعا، أما فى الفلسفة فإن المتناهى واللامتناهى يستخدمان فى ميادين نظرية الوجود ونظرية المعرفة ونظرية الإنسان.

فيستخدم المتناهى فى نظرية الوجود عندما نتحدث عن المكان أو الزمان أو الإله. وكانت الفلسفات الدينية تميل إلى نموذج الكون المقفل النهائى، لأن الكون عندهم ذو بداية وذو نهاية. كما إن الإله ذو طبيعة متعينة، منه يبدأ الوجود وإليه ينتهى {هو الأول والآخر} (الحديد 3).

وقد تناول ابن سينا بحث فكرة المتناهى فى عدد من مؤلفاته مثل النجاة والشفاء ورسالة فى الحدود وغيرها. فرأى أن المتناهى هو المحدود، أما السطح فليس داخلا فى حد الجسم من حيث هو جسم بل من حيث هو متناه، وأضاف أن من قال إنه متناه: عنى أنه محدود فى نفسه.

والميل إلى مفهوم التناهى أو نقيضه إنما هو تعبير عن مزاج ابتدائى، وليس اختيارا عقليا، أو نتيجة علمية، أو فلسفية، وهذا المزاج وذلك الميل يؤثران على مجمل اتجاهات الحضارة كما أنهما يظهران فى شتى جوانب الفكر الفلسفى.
أ. د/ منى أبو زيد












مصادر و المراجع :

١- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة

المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر

عدد الأجزاء: 1

أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید