المنشورات

المضاربة

لغة: ضاربه - ولفلان - فى ماله: اتجر له فيه، أو اتجر فيه على أن له حصة معينة فى ربحه، كما فى الوسيط (1).
والمضاربة والقراض اسمان لمسمى واحد، فالقراض لغة أهل الحجاز، والمضاربة لغة أهل العراق.
وشرعا: هى توكيل مالك يجعل ماله بيد آخر ليتجر فيه، والربح مشترك بينهما (2).
والمضاربة جائزة شرعا، والأصل فى مشروعيتها عموم قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} البقرة:198، وفى المضاربة ابتغاء لفضل الله.
وقد روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قسم ربح ابنيه فى المال الذى تسلفاه بالعراق فربحا فيه بالمدينة فجعله قراضا، عندما قال له رجل من أصحابه: لو جعلته قراضا ففعل (3).
وقد قام الإجماع على جواز المضاربة، فيقول الشوكانى بعد نقله لآثار عن الصحابة التى تدل على تعاملهم بالمضاربة: "فهذه الآثار تدل على أن المضاربة كان الصحابة يتعاملون بها من غير نكير، فكان ذلك إجماعا منهم على الجواز (4).
وللمضاربة أركان تقوم عليها، وهى:
1 - الصيغة: فلابد من وجود إيجاب وقبول يفصح بهما الطرفان عن رغبتهما فى التعاقد، كأن يقول شخص لآخر ضاربتك أو قارضتك أو عاملتك بألف جنيه على أن يكون الربح بيننا نصفين (5).
2 - العاقدان: فالمضاربة لا تتم إلا بتلاقى إرادتين على إنشائه، وهما المضارب ورب المال، ويشترط فيهما أن يكون كلا منهما أهلا للتعاقد، وهى أهلية التوكيل والوكالة (6).
3 - رأس المال: وهو ما يدفعه رب المال للمضارب ليتجر فيه، ويشترط فيه أن يكون معلوما، وأن يكون نقدا رائجا، وأن يكون عينا لا دينا، وأن يسلم إلى المضارب (7).
4 - العمل: وهو ما يقوم به المضارب من أعمال لتنمية رأس المال، ويشترط أن يختص المضارب بالعمل، فينفرد به دون صاحب رأس المال، فلا يجوز لرب المال أن يشترط عليه العمل معه، وتفسد المضاربة بهذا الشرط (8).
ويرى الشافعية أن عمل المضارب مقيد بالأعمال التجارية فقط "أى البيع والشراء" فلا يجوزأن يشترط عليه العمل مع التجارة (9).
بينما ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن عمل المضارب غير مقيد بالبيع والشراء، فيجوز له أن يستأجر ويغرس وغير ذلك (10).
5 - الربح: وهو ما زاد عن رأس مال المضاربة، نتيجة لعمل المضارب فى ذلك المال واستثماره، فهو ثمرة لالتقاء رأس المال بالعمل البشرى، لذا كان مشتركا بين العاقدين، رب المال مقابل ما قدمه من مال تحتاجه المضاربة والمضارب، لأنه قام بالعمل والاستثمار، والاشتراك فى الربح هو الهدف من المضاربة، لذا فقد اهتم الفقهاء ببيان شروطه، والتى نوجزها فيما يلى: يشترط فى الربح أن يكون مشتركا بين العاقدين، وأن يكون مختصا بها، أى قاصرا عليهما لا يعدو الشريكين، وأن يكون نصيب كل منهما معلوما عند التعاقد، وأن يكون نسبة شائعة من جملة الربح، كنصف الربح أو ثلثه، ولا يجوز أن يحدد بمبلغ معين كمائة جنيه مثلا (11).
وللمضارب فى المضاربة خمسة أحوال:
1 - فهو أمين كالوديع عند قبضه لرأس المال وقبل التصرف فيه، لأنه قبضه بإذن المالك لا على وجه البدل والوثيقة.
2 - وهو وكيل لرب المال بالتصرف فى مال المضاربة، لأنه يتصرف فى مال الغير بأمره.
3 - وهو شريك لرب المال فى الربح عند تحققه.
4 - وهو أجير لرب المال إن فسدت، المضاربة لأى سبب.
5 - وهو غاصب لمال المضاربة إن خالف شروط رب المال أوالعمل فى ما لا يملك فعله (12).
وقد اتفق الفقهاءعلى أن المضارب أمين على ما بيده من مال المضاربة، فلا يضمن ما يصيبه من تلف أوخسارة إلابتعديه أو تفريطه، شأنه شأن الوكيل. فإذا حصل تلف أو خسارة فى رأس المال بسبب تعد أو تفريط من المضارب، فإنه يكون مسئولا عنه ضامنا له (13).
وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز اشتراط الضمان على المضارب، وإذا اشترط فلا يصح.
ويملك المضارب بمقتضى عقد المضاربة العديد من التصرفات التى تعتبر من ضرورات التجارة أو لواحقها مما جرت به عادة التجارة، كالبيع والشراء والمقايضة، والتعامل بمختلف العملات، والبيع نسيئة، والإحالة والحوالة، والرهن والارتهان والاستئجار ... إلخ (14).
وتفسد المضاربة إذا فات ركن من أركانها، وتخلف شرط من شروط صحتها، كما أنها تفسد إذا دخلها شرط مفسد، والشروط الفاسدة هى التى تنافى مقتضى العقد، أو تلك التى تعود بجهالة توزيع الربح، أو أن يشترط ما ليس من مصلحة العقد ولا مقتضاه (15).
أ. د/على مرعى










مصادر و المراجع :

١- موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة

المؤلف: المجلس الأعلى للشئون الإسلامية - مصر

عدد الأجزاء: 1

أعده للشاملة/ عويسيان التميمي البصري

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید