المنشورات
المعلقات
لغة: جمع مُعَلَّقة، يقال علّق الشىء تعليقا: جعله معلقّا (1) وعُلّقَها وعُلِّقَ بها تعلّيقا: أحبها وهو معلّق القلب بها (2) والعِلْقُ (بالكسر) النفيسُ من كل شىء (3).
واصطلاحا: هى السبع أو العشر الطوال من أشهر القصائد لفحول الشعر العربى فى العصر الجاهلى.
وقد ذكر المؤرخون للأدب العربى أنه قد بلغ من حب العرب للشعر وتفضيلهم إياه أن عمدت إلى سبع قصائد- على الأشهر- تخيرتها من الشعر القديم فكتبتها بماء الذهب، وعلقتها فى أستار الكعبة، فمنه يقال: مذهّبه أمرىء القيس، ومذهبة زهير .. والمذهّبات السبع، وقد يقال: لها المعلقات (4).
وقد نقل البغدادى) ما يشبه هذا الكلام، ثم قال (ذكر ذلك غير واحد من العلماء، وقيل: كان الملك إذا استجاد قصيدة يقول: علقوا لنا هذه لتكون فى خزانته) (5).
وقد تعرض مصطلح المذهّبات) و (المعلقات) لشىء من النقد والاعتراض من بعض القدماء والمحدثين من مؤرخى الأدب، وقد اعتمد هذا الاعتراض على أساسين: الأول أن العرب لم يكونوا فى العصر الجاهلى أمة كاتبة حتى تسجل شعرها وتكتبه ثم تعلقه.
والثانى: أن الكعبة لها من القداسة والاحترام ما لا يبيح لأحد أن يعلق فيها شيئا من الأشعار أو غيرها.
وواضح أن هذا الاعتراض بشقيه مردود عليه .. فشبهة أن العرب كانوا أمة لا تعرف الكتابة، أمر غير صحيح، ويكفى أن نشير إلى موقف مشركى مكة فى بداية الدعوة الإسلامية، وقد اتفقوا على مقاطعة النبى ? ومقاطعة أقربائه الذين يحمونه من أذى قريش، وبخاصة أهله من بنى هاشم وبنى عبد المطلب، وكتبوا بذلك صحيفة علقوها فى جوف الكعبة، ولما لم تجدهم نفعا تلك المقاطعة، وأحسوا بفشل هذه المحاولة، ذهبوا إلى الكعبة لنقض الصحيفة، فوجدوها قد تآكلت ولم يبق من المكتوب فيها إلا اسم الله عز وجل (6).
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن فى العرب قبل الإسلام من كان يعرف الكتابة. أما شبهة أن الكعبة لقداستها لم يكن يباح لأحد أن يعلق فيها شيئا فقد ثبت أنهم كانوا لا يعلّقون فى الكعبة إلا كل أمر ذى شأن له خطورته وأهميته فى نظرهم .. ومعروف أن الشعر أيضا كان ديوان العرب، وهو سجل حياتهم ومعقد شرفهم وافتخارهم .. ومن ثم كان اعتدادهم بهذه القصائد التى كانت جديرة فى تقديرهم بأن تعلّق فى الكعبة، شأنها فى ذلك شأن كل شىء له مكانته وأهميته عندهم، ومن هنا كان إطلاق (المعلقات) على هذه القصائد التى اختاروها من عيون شعرهم لأبرز شعرائهم ..
ومن المعلوم أن هذه القصائد (المعلقات) تعد أول ما دون من مصادر الشعر الجاهلى. أما الشعراء أصحاب هذه المعلقات السبع (على المشهور) فهم امرؤ القيس، وعدد أبيات معلقته اثنان وثمانون، وأولها:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
وطرفة بن العبد وعدد أبيات معلقته مائة بيت واثنان وأولها:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد
تلّوح كباقى الوشم فى ظاهر اليد
وزهير بن أبى سلّمى، وأبيات معلّقته تسعة وخمسون، وأولها:
أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
بحومانة الدراج فالمتثلم
وعنترة بن شداد العبسى، وأبيات معلّقته تسعة وسبعون، وأولها:
هل غادر الشعراء من متردم
أم هل عرفت الدار بعد توهم
وعمرو بن كلثوم، وأبيات معلقته أربعة وتسعون، وأولها:
ألا هبى بصحنك فاصبحينا
ولا تبقى خمور الأندرينا
ولبيد بن ربيعة، وأبيات معلقته ثمانية وثمانون، وأولها:
عفت الديار محلها فمقامها
بمنى تأبد غولها فرجامها
والحارث بن حلّزة، وأبيات معلقته أربعة وثمانون وأولها:
آذنتنا ببينها أسماء
رب ثاو يمل منه الثواء
وتعذ هذه المعلقات من أجود الشعر العربى من حيث دقة المعنى، وسعة الخيال، وبراعة الأسلوب، وصدق التصوير والتعبير عن الحياة التى عاشها العرب فى عصرهم الجاهلى.
وقد بلغت من الشهرة والذيوع ما جعل الشرَّاح يتناولونها بالعديد من شروحهم وتحليلاتهم، ومنها:
شروح: أبى بكر البطليوسى المتوفى سنة 194 هـ، وأبى جعفر النحاس المتوفى سنة 338 هـ، وأبى علّى الثعالبى المتوفى سنة 356 هـ، وأبى زكريا بن الخطيب التبريزى المتوفى سنة 502 هـ، ومن شراح المعلقات أيضا:/ الدميرى صاحب كتاب حياة الحيوان،، والزوزنى، وأبو زيد القرشى صاحب (جمهرة أشعار العرب) (7).
أ. د. صلاح الدين محمد عبد التواب
مصادر و المراجع :
١- موسوعة المفاهيم
الإسلامية العامة
المؤلف: المجلس
الأعلى للشئون الإسلامية - مصر
عدد الأجزاء: 1
أعده للشاملة/
عويسيان التميمي البصري
29 أبريل 2024
تعليقات (0)