المنشورات

إنّه لنقاب.

مثل للرجل العالم الفهم الخبير بغوامض الأمور. قال أوس بن حجر:
كريم جواد أخو مأقط ... نقاب يحدث بالغائب
قيل: واصله من التنقيب في البلاد وتجريب الأمور. ونحوه قولهم في مثل آخر لمجرب الأمور: فلان قد ركب ظهر البر والبحر، وعرف حالتي الخير والشر، وذاق طعمي الحلو والمر. وقال الحكماء: لا ينال أحد الحكمة حتى ينسى الشهوات، ويجرب الفلوات، ويحالف الأسفار، وينتاب القفار، ويصل الليل باليوم، ويعتاض السهر من النوم. قالوا: النظر كالسيف، والتجارب كالمسن. وقالوا: مرآة العواقب، في يد ذي التجارب. وقال أبو تمام يصف بالتنقيب والتجريب:
سلي هل عمرت القفر وهي سباسب ... وغادرت ركبي من ركابي سباسبا
وغربت حتى لم أجد ذكر مشرق ... وشرقت حتى قد نسيت المغاربا
وقال أيضاً:
خليفة الخضر من يربع على وطن ... في بلدة فظهور العيس أواني
بالشام قومي وبغداد المنى وأنا ... بالرقمتين وبالفسطاط إخواني
أحبة جاورت آدابهم أدبي ... فهم وإنَّ فرقوا في الأرض جيراني
وقول أوس المذكور يحدث بالغائب هو من شأن النقاب. والمعنى إنّه ذو ذكاء قوي وفراسة وضن مصيب، كما قالوا: فلان المعي وقول الشاعر:
الألمعي الذي يظن بك الظن ... كأن قد رأى وقد سمعا
وقال الآخر:
بصير بأعقاب الأمور إذا التوت ... كأن له في اليوم عين على غد
وقال ابن الرومي:
كمال وإفضال وبأس ونجدة ... وظن يريه الغيب لارجم راجم
وقال آخر:
تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى ... إلى قول قوم أنت بالغيب عالم
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: من لم ينتفع بظنه، لم ينتفع بيقينه. وقال عبد الملك بن مروان: ما فرق بين عمر وعثمان إلاّ اختلاف الضن: ظن عمر فأصاب فتحفظ، وظن عثمان فأخطأ فأمهل.











مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید