المنشورات

إنَّ المحب لمن يهواه زوار.

طلع رجل من حجيج المغرب إلى عرفة، فلقي شيخا كبيراً، فقال له الشيخ: من أين أنت؟ قال: من المغرب. قال: كم بينكم وبين هذا البيت؟ قال: نحو ستّة أشهر فقال الشيخ: اتحجون كل عام؟ قال: ل. فقال: الشيخ لو كنا منكم لم يفتنا الحج أبداً. فقال له الرجل: وممن أنت؟ قال: من كذا بلد، بعيد بمسيرة عام أو نحوه وانشد:
زر من تحب وإنَّ شطت بك الدار ... وحال من دونه سهل وأوعار
لا يمنعنك بعد عن زيارته ... إنَّ المحب لمن يهواه زوار
والهوى: العشق في الخير والشر. يقال: هويته بالكسر يهواه هوى، مقصور.
والزوار: الكثير الزيارة. وكان بشر بن مروان شديد على العصاة، وكان إذا ظفر بالعاصي أقامه على كرسي وسمر كفيه بالمسامير على الحائط، ثم نزع الكرسي من تحته، فيبقى معلقا يضطرب حتى يموت. وكان فتى من بني عجل مع المهلب بن صفرة في حروب الازارقة، وكان عاشقا لابنة عم له. فكتب إليه تستزيره فكتب إليها:
لولا مخافة بشر أو عقوبته ... وأنَّ يشد على كفي مسمار
إذا لعطت ثغري ثم زرتكم ... إنَّ المحب إذا ما اشتاق زوار
فكتبت إليه:
ليس المحب الذي يخشى العقاب ولو ... كانت عقوبته في إلفه النار
بل المحب الذي لا شيء ينفعه ... أو يستقر ومن يهوى به الدار
فلما كتبها عطل ثغره وجاءها وهو يقول:
أستغفر الله إذ أخشى الأمير ولم ... اخش الذي أنا منه غير منتصر
فشأن بشر بلحمي فليعذبه ... أو يعف عفو أمير خير مقتدر
فما أبالي إذا أمسيت راضية ... يا هند ما نيل من شعري ومن بشري!
فلم يلبث إنَّ وشي به إلى بشر فأتي به فقال: يا فاسق، عطلت ثغرك، هلم بالكرسي! فقال: عز الله الأمير! إنَّ لي عذراً فقال: وما عذرك؟ فأنشده الأبيات، فرق له وكتب إلى المهلب أنَّ يثبته في أصحابه.










مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید