المنشورات

أبرما قرونا.

البرم بفتحتين: من لا يدخل مع القوم في الميسر وهو ذم عند العرب غاية؛ كما أنَّ الدخول فيه مدح. قال متمم:
ولا برم تهدى النساء لعرسه ... إذا القشع من برد الشتاء تقعقعا
هلا سألت بني ذبيان ما حسبي ... إذا الدخان تغشى الأشمط البرما؟
يقول إنّه يغشى مستوقد القوم ليصيب مما نحروا، لأنه برم لا تسخو نفسه بالأخذ مع القوم والخول معهم؛ وجمعه أبرام. قال دريد بن الصمة:
إذا عقب القدور عددن مالا ... أحب حلائل الأبرام عرسي
وعقب القدور: ما يبقى في أسفلها فاضلا ولا تعد مالا إلاّ عند اشتداد الأمر؛ وحينئذ تبقى زوجات الأبرام لا مرقة عندهن فيحببن عرسي لمّا عندها من المرق والخير. وبرم الرجل بالكسر، يبرم. قال النابغة:
لا يبرمون إذا ما الأفق جلله ... برد الشتاء من الامحال كالأدمِ
ويقال في ضده: يسر الرجل ييسر أي ضرب بالقداح. قال علقمة:
وقد يسرت إذا ما الجوع كلفه ... معقب من قداح النبع مقروم
ورجل يسر والجمع أيسار قال الشاعر:
وراحلة نحرت لشرب صدق ... وما ناديت أيسار الجزورِ
وقال الحماسي:
هينون لينون أيسارٌ ذوو كرمٍ ... سواسُ مكرمةٍ أبناء أيسارِ
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم ... مثل النجوم التي يسري بها الساري
وقال عنترة في معناه:
ومشك سابغةٍ هتكت فروجها ... بالسيف عن حامي الحقيقة معلمِ
ربذٍ يداه بالقداح إذا شتا ... هناك غايات التاجر ملومِ
واربذ المسرع. يريد إنّه يسرع إلى ضرب القداح إذا شتا؛ والتجار: باعة الخمر. ويريد إنّه مع ذلك يشرب الخمر ويسقيها في ثمنها حتى يعطي غاية ما يطلبه التاجر، وهو معنى هتك غاياتهم.
وقلت عجوز أعرابية لثلاث بنات لها: لتصف لها كل منكن من تحب من الرجال! فقالت الكبرى: أريده أورع بساما أحذ مجذاما سيد ناديه وثمال عافيه ومحسب راجيه فناؤه رحب وقياده صعب. وقالت الوسطى: أريده عاي السناء، مصمم المضاء، عظيم نار، متمم أيسار، يفيد ويبيد ويبدئ ويعيد، في الأهل صبي وفي الجيش كمي، تستعبده الحليلة وتسوده الفضيلة. وقالت الصغرى: أريده بازل عام، كامهند الصمصام، قرانه حبور، ولقاؤه سرور، إن ضم قضقض، وإن دس أغمض وإن أخل أحمض. فقالت أمها: فض فوك! لقد فررت لي شرة الشباب جذعة. والأورع: الكريم وقيل الجميل. والأحذ: الخفيف السريع. والمجذام: القاطع للأمور من الجذم وهو القطع. والنادي: المجلس. والثمال: الغياث. والعافي والمعتفي: من جاء طالبا للمعروف. والفناء: الرحب الواسع. وصعب القياد من الرجال: العزيز الممتنع، وأصله في الدابة. والسناء بالمد: الشرف؛ والمصمم: الماضي في الأمور لا يثنيه شيء. والأيسار جمع يسر كما مر. والكمي: الشجاع. وحليلة الرجل: زوجه. والفصيلة: رهط الرجال المقربون. وبازل عام: التام الشباب، وأصله في الإبل، وستذكر بعد أسنانها إن شاء الله تعالى. وقضقض: كما يقضقض الأسد فريسته وهو أن يحطمها فيسمع لعظامها صوت؛ ودس الشيء: دفعه؛ والاخلال والأحماض: مثل، وسيأتي تفسير ذلك بعد أن شاء الله تعالى؛ والقرون فعول من قرن للمبالغة: يقال: قرن بين أحدين إذا جمع بينهما، فهو قارن وقرون وقرآن.
وأصل المثل أنَّ رجلا كان برما فدخل على امرأته فوجدها تأكل لحما فجعل يأكل بضعتين. فقالت له: أبرما قرونا، فذهبت مثلا. والمعنى أن تكون برما قرونا، فتجمع بين مذمتي البخل والنهم. ولم يذكر في الصحاح أصل هذا المثل وقال: معناه هو برم ويأكل مع ذلك تمرتين انتهى. فجعل القرآن. وهو يحتمل أن يكون أصله أو من مضاربه وهو صحيح. ومثله في القاموس إلاّ إنّه فسر البرم في المثل بالثقل. ولا شك أنَّ البرم يطلق على السأم والضجر. يقال: برم به إذا ضجر وأبرمه: أضجره. قال الشاعر في ثقيل:
مشتمل بالبغض لا تنثني ... إليه طوعا لحظة الرامقِ
يظل في مجلسنا مبرما ... أثقل من واشٍ على عاشقِ
ويقال: كتب الأعمش نقشا في خاتمه: يا مقيت، أبرمت فقم! فإذا استقبل جليسا ناوله إياه.












مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید