المنشورات

أجرأ من خاصي الأسد.

الأسد معروف. وخاصي الأسد تزعم العرب إنّه رجل مر به الاسد، فوجده يحرث بثورين بادنين، فقال له: يا حراث ما اسمن ثوريك! فبم أسمنتهما وما أطعمتهما؟ فقال له الحارث: إني خصيتهما فسمنا لأجل ذلك. فقال الأسد: فهل لك إنَّ تخصيني عسى إنَّ اسمن سمنهما؟ فقال له: نعم! وأمكنه الأسد من نفسه، فخصاه الحراث وزعموا إنّه مر عنه الأسد ودمه يسيل، حتى رقى ربوة فأقعى فيها حزينا ينظر إلى الحراث. فبينما هو كذلك إذا بثعلب مر به، قال له: مالي أراك حزينا يا أبا الحارث؟ فذكر له ما فعل به الحراث، وما دهمه من المثل الخصاء. فقال له الثعلب: هل لك في أنَّ آتي الحراث واستدبره، عسى أن تمكنني منه فرصة فأثئر لك؟ قال: نعم! فداك أبي وأمي. فمضى الثعلب وجعل يراوغ الحراث ويطيف به. فتناول الحراث حجرا وقذفه به فدق فخذه. فأتى الأسد وهو على ثلاث قوائم، فأقعى معه على الرابية يشكوان بثهما وما دهيا به من ذلك الحراث حتى مرت بهما نغرة فقالت لهما: ما لكما على هذه الحال؟ فأخبراها خبرهما، فقال لهما: أنا أتيه، فأستدبره حتى أدخل في أنفه. فجاءت إليه، وتغافل الحراث عنها حتى دنت منه قبص عليها واخذ عودا فدسه في آستها وأرسلها، فجاءت إلى الأسد والثعلب وهي شر من حالهما، قد سد العود دبرها ومنعها وأثقلها عن الطيران، فبينما الثلاثة جلوس على الربوة يتشاكون، جاءت امرأة الحراث بغذائه. فتقدم إليها، ورفع رجليها، وجعل يطؤها، وهي بمرأى من تلك الحيوانات. فقال الأسد: ما ترون هذا المشؤوم يفعل بهذه المرأة المسكينة، والله إني لأظنه يخصيها. فقال الثعلب: ما أظنه إلا يكسر فخذها، فقالت لا والله! بل يدخل في آستها عودا. فكانت النغرة أقربهن إلى الصدق ظنا. وقيل إنَّ خاصي الأسد هو الإصبع التي يفرس بها من براثينه. حكاه البكري عن القاسم بن ثابت، والله اعلم.










مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید