المنشورات
كم ترك الأول للآخر!
وهو مثل مشهور ضمنه أبو تمام في قوله:
يقول من تقرع أسماعه ... كم ترك الأول للآخر!
أو هو المخترع.
وضده قول الآخر:
لم يدع من مضى ... للذي قد غبر
فضل علم سوى ... أخذه بالأثر
وقال الآخر:
سوف ترى إذا انجلى الغبار ... أفرسٌ تحتك أم حمارُ
غيره:
فيا عطشى والماء الزلال أخوضه ... ويا وحشتي والمؤنسون كثيرُ!
وقال بعض الأعراب:
دببت للمجد والساعون قد بلغوا ... جهد النفوس وألقوا دونه الأزرا
وكابدوا المجد حتى مل أكثرهم ... وعانق المجد من وافى ومن صبرا
لا تحسب المج تمراً أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا!
وقال الأخطل:
قومٌ إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء وإن باتت بأطهارِ
حكى أبو العباس المبرد في الكامل أنَّ صاحب اليمن بعث إلى عبد الملك بن مروان بجارية وكتب معها: إني وجهت إلى أمير المؤمنين بجارية اشتريتها بمال عظيم ولم ير مثلها. وكان ذلك وقت محاربتهم لابن الأشعث. فلما دخل بالجارية على عبد الملك رأى وجها جميلا وخلقا نبيلا. فألقى إليها قضيبا كان في يده فنكست لتأخذه فرأى من جسمها ما بهره. فلما هم بها أعلمه الآذن أنَّ رسول الحجاج بالباب. فأذن له ونحى الجارية فأعطاه كتابا من عبد الرحمن بن الأشعث فيه سطور أربعة:
سائل مجاور هل جنيت لهم ... حربا تزيل بين الجيرة الخلط؟
وهل سموت بجرار له لجبٌ ... جم الصواهل بين الحم والفرط؟
وهل تركت نساء الحي ضاحيةً ... في ساحة الدار يستوفدن بالقنطِ
وتحته:
قتل الملوك وسار تحت لوائه ... شجر العرى وعراعر الأقوامِ
فكتب إليه عبد الملك كتابا وجعل في طيه جوابا لابن الأشعث:
ما بال من أسعى لأجبر كسره ... حفاظاً وينوي من سفاهته كسري؟
أظن خطوب الدهر بيني وبينهم ... ستحملهم مني على مركبٍ وعرِ
وإني وإياهم كمن نبة القطا ... ولو لم تنبه باتت الطير لا تسري
أناة وحلما وانتظارا بهم غداً ... وما أنا بالواني ولا الضارع الغمرِ
قال: ثم بات يقلب كف الجارية ويقول: ما أفدت فائدة أحب إلي منك! فتقول: ما بالك يا أمير المؤمنين وما يمنعك؟ فقال: ما قاله الأخطل لأني إن خرجت منه كنت ألأم العرب: قومٌ إذا حاربوا. . " البيت " فما إليك سبيل أو يحكم الله بيني وبين عدو الرحمن بن الأشعث. فلم يقربها حتى قُتل عبد الرحمن.
وقال الآخر:
الله يشكر ما مننت به ... إذ كان يقصر دونه شكري
غيره:
إلهي زد في عمره من حياتنا ... وأعمرنا حتى يطول له العمرُ!
غيره:
أبى الله تدبير أبن آدم نفسه ... وأن يكون المرء إلاّ مدبرا
غيره:
أخاف عليك من سيف ورمح ... طميل العمر بينهما قصرُ
غيره:
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصداً ... ندمت على التفريط في زمن البذر
غيره:
إذا صح عون الله للمرء لم يكن عسيرٌ من الآمال إلاّ تيسرا
غيره:
إذا لم تكن في منزل المرء حرةٌ ... تدبره ضاعت مصالح داره
غيره:
تبقى المنابر بعد القوم باقية ... ويذهب المال والأيام والعمرُ
غيره:
تشتاقكم كل أرض تنزلون بها ... كأنكم لبقاع الأرض أمطارُ
غيره:
تعب المنجم حيث أفنى عمره ... في علم ما لا يدرك الأفكارُ
غيره:
تميز البعض في الألفاظ إن نطقوا ... وتعرف الحذق في الألفاظ إن نظروا
غيره:
تنسى مرارة كل نازلة ... بحلاوة في النهي والأمرِ
غيره:
ثقة الفتى بزمانه ... ثقة محللة العرى
غيره:
ثلاثةٌ موصوفةٌ تجلو البصر: ... الماء والوجه المليح والخضر
غيره:
جار الزمان علينا في تقلبه ... وأي دهر على الأحرار لم يجرِ؟
غيره:
جاء البشير مبشراً بقدومكم ... فملئت من قول البشير سرورا
غيره:
جاور إذا جاورت بحراً يا فتى ... فالجار يشرف قدرة بالجارِ!
غيره:
حبي لكم طبعٌ بغير تكلفٍ ... والطبع في الإنسان لا يتغيرُ
غيره:
خاطر بنفسك لا تقعد بمعجزةٍ ... فليس حرٌ على عجزٍ بمعذورِ!
غيره:
خذ ما صفا لك فالحياة غرور ... والدهر يعدل تارة ويجورُ
غيره:
خير ما ساعد الرجال نساءٌ ... صالحات يكن خلف الستورِ
غيره:
دخولك من باب الهمى إن أردته ... يسير ولكن الخروج عسيرُ
غيره:
دع النوم للنوام إنك إن تنم ... فإنك نصف العمر تغبن خاسرا
غيره:
ذروني للغنى أسعى فإني ... رأيت الناس شرهم الفقيرُ
غيره:
رأيت بلاد الله وهي عريضةٌ ... على الخائف المذعور أضيق من القبر
غيره:
رأيتك مثل الجوز يمنع لبه ... صحيحا ويعطي لبه حين يكسرُ
غيره:
رُبَّ فقير غني نفسٍ ... وذي غنى بائس فقيرُ
غيره:
ردك الله إلينا سالماً ... بعد غنمٍ ونجاحٍ وظفر
غيره:
زرتني قبل أن أزورك شوقاً ... فلك الفضل زائراً ومزورا!
غيره:
زعمتم بأن الصبر أكرم صاحبٍ ... صدقتم ولكن قد تقضى به العمرُ
غيره:
سأكتم حاجتي عن الناس كلهم ... ولكنها للناس تبدو وتظهرُ
غيره:
سرور شهرٍ وغم دهرٍ ... ووزن وهرٍ ودق ظهرِ
غيره:
سيصرف الله ما تخشى وتحذره ... فاصبر قليلاً فعقبى صبرك الظفرُ
غيره:
شباب المرء ثوبٌ مستعارٌ ... وأيام الصبا أبداً قصارُ
غيره:
صفقةٌ غير خاسرة ... بيع دنيا بآخره
غيره:
ضيعت وقت في المحال ... فلا تضيع وقت غيرك!
غيره:
عبارتنا شتى وحسنك واحدٌ ... وكلٌ إلى ذاك الجمال يسيرُ
غيره:
عتبت على عمرو فلما فقدته ... وجربت أقواماً بكيت على عمرو
غيره:
على المرء أن يسعى لمّا فيه نفعه ... وليس عليه أن يساعده الدهرُ!
غيره:
قبحت مناظرهم فحين خبرتهم ... حسنت مناظرهم لقبح المخبرِ
غيره:
قد كنت أبكي وداري منك دانيةٌ ... فكيف صبري وقد شطت بي الدار؟
غيره:
قد كنت أسمع ما أرى فيروعني ... واليوم ليس بروعي ما أنظر!
غيره:
قد كنت أحذر من دهري وأحذره ... حتى قدمت فزال الروع والحذرُ
غيره:
قضى الله في بعض المكارم للفتى ... بخيرٍ وفي بعض الهوى ما يحذرُ
غيره:
قف أنا في الطريق إن لم تزرنا ... وقفةٌ في الطريق نصف الزيارة!
غيره:
قومٌ إذا أكلوا أخفوا كلامهم ... واستوثقوا من رتاج الباب والدار
غيره:
كأن العام ليس بعام حجٍّ ... تغيرت المواسم والدهورُ
غيره:
كفا حسودي جهلاً أنه رجلٌ ... معاندٌ لقضاء الله والقدرُ
غيره:
كل امرئٌ حسن في عين والده ... والخنفساء تسمي بنتها القمرُ
غيره:
كل عيبٍ تراه في الغير بالظن ... له فيك باليقين نظيرُ
غيره:
كنت من كربتي أفر إليهم ... فهم كربتي فأين الفرار
غيره:
لا تستسهلن الصعب أو أدرك المنى ... فما انقادت الآمال إلاّ لصابرِ
غيره:
لقد طال هذا القيل والقال بيننا ... وما طال قول الشرح إلاّ ليقصرا
غيره:
لقد كنت محتاجا إلى موت زوجتي ... ولكن قرين السوء باقٍ معمرُ
غيره:
لكم الأرض كلها فأعيروا ... عبدكم ما احتوى عليه جداره!
غيره:
لي النقاب على القباح فريضةٌ ... وعلى الملاح خطيئة لا تغفرُ
غيره:
ليس ارتحالك في كسب العلا سفراً ... بل المقام على ذل هو السفرُ
غيره:
ليس التفضل منك أمراً نادراً ... لكن مثلك في التفضل نادرُ
غيره:
ليس السعيد الذي دنياه مسعدة ... إنَّ السعيد الذي ينجو من النار
غيره:
ليس ما ليست له حيلةٌ ... موجودةٌ خيرٌ من الصبرِ
غيره:
ما العمر ما طالت به الدهور ... العمر ما تم به السرورُ
غيره:
ما بال دارك حين تدخل جنة ... وبباب دارك منكرٌ ونكيرُ؟
غيره:
ما حك جسمك غير ظفرك ... فتول أنت جميع أمرك!
غيره:
ما ذاق طعم الغنى فلا قناع له ... ولا ترى قانعاً في الناس مفتقرا
غيره:
ما كان ذاك العيش إلا سكرة ... لذاتها ذهبت وحل خمارها
غيره:
ما كل من زار الحمى سمع الندا ... من أهله: أهلاً بهذا الزائر!
غيره:
ما يضر البحر أمسى زاجراً ... إن رمى فيه سفينةٌ بحجر!
غيره:
متى تقضي حاجات من ليس واصلاً ... إلى حاجة حتى تكون له أخرى
غيره:
محن الفتى يخبرن على فضل الفتى ... والنار مخبرةٌ بفضل العنبر
غيره:
مفتاح باب الفج الصبر ... وكل عسر بعده يسرُ
غيره:
من أبرم الأمر بلا تدبير ... صيره الدهر إلى تدميرِ
غيره:
من كان يهوى منظراً بلا خبر ... فما له أوفق من عشق القمر
غيره:
نزلوا والخدود بيضٌ فلما ... أزف البين عدن بالدمع حمرا
غيره:
وأحمق خلق الله من جرب أمراً ... وعاد إلى تجربته مرة أخرى
غيره:
وإذا أتتك مصيبةٌ فاصبر فقد ... عظمت مصيبة مبتلى لا يصبرُ
غيره:
وإذا بغى باغٍ عليك بجهله ... فاقتله بالمعروف لا بالمنكر!
غيره:
وإذا ظلمت ولي بكم متعلقٌ ... فعلى علاكم لا علي العارُ
غيره:
وإذا عتبت على الصديق شكوته ... سراً إليه وفي المحافل أشكرُ
غيره:
وإذا لم يكن من الذل بدٌ ... فالق بالذل إن لقيت الكبارا!
غيره:
وأفرح كلما يزداد مالٌ ... ولا أبكي على نقصان عمرِ!
غيره:
والمعروف من يأته يحمد عواقبه: ما ضل عرفٌ وإن أوليته حجرا!
غيره:
والعمر كالكأس تستحلى أوائله ... لكنه ربما مجت أواخره
غيره:
والنجم تستصغر الأبصار صورته ... والذنب للعين لا للنجم في الصغر
غيره:
ورُبَّ جوادٍ امسك الله دوده ... كما يمسك الله السحاب من القطر
غيره:
وقى الله مولانا جميع المكاره ... ولا دار صرف الدهر يوماً بداره
غيره:
وقد زعمت ليلى بأني فاجرٌ ... لنفسي تقاها أو عليها فجورها!
غيره:
وقد يهلك الإنسان من باب أمنه ... وينجو بأمن الله من حيث يحذرُ
غيره:
وكل من أعيتك أخلاقه ... دواؤه الصبر أو الهجرُ
غيره:
وكل أذى فمصبورٌ عليه ... وليس على قرين السوء صبرُ!
غيره:
وكم من أكلة منعت أخاها ... بلذة ساعة أكلات دهر!
غيره:
وكم من طالبٍ يسعى لرزقٍ ... وفيه هلاكه لو كان يدري
غيره:
وكنت أمشي على ثنتين معتدلاً ... فصرت أمشي على أخرى من الشجر
غيره:
وكيف يذهب عن سمعي وعن بصري ... من كان مثل سواد القلب والبصر؟
غيره:
ولازم الصمت إن سئلت وقل: ... لا علم عندي بالجهل مستترا
غيره:
ولست أخاف الفقر ما عشت في غدٍ ... لكل غدٍ رزق من الله باكر
غيره:
ولم أر بعد الدين خيراً من الغنى ... ولم ار بعد الكفر شراً من الفقر
غيره:
وما الزين في لبس الثياب وإنما ... يزين الفتى مخبره حين يخبر
غيره:
وما عسرة فاصبر لها إن لقيتها ... بباقية إلاّ سيعقبها يسرُ
غيره:
وما كنت أرضى أن أعيش ببلدة ... وتنأى ولكن لا يغالب مقدار
غيره:
وما من نعمة شملت كريماً ... كنعمة عورةٍ سترت بقيرِ
غيره:
ومن كان ذا عذرٍ قبلت أعذاره ... وإن لم يكن عذرٌ فعندي له عذرُ
غيره:
ومن يكن الغراب له دليلا ... فما غير الغراب له مصير
غيره:
ونعلم أنَّ المال غادٍ ورائح ... وخير من المال الأحاديث والذكر
غيره:
وهون عندي ما ألاقي من الأذى ... بأنك أنت المبتلى والمقدر!
غيره:
ويخبرني عن غائب الأمر هديه ... كفى الهدي عما غيب المرء مخبر!
غيره:
ويعرف فضل عقول الرجال ... بتدريبها وبآثارها
غيره:
هي الضلع العوجاء لست تقيمها ... ألا إنَّ تقويم الضلوع انكسارها
غيره:
هي المقادير فلمني أو فزد ... إنَّ كنت أخطأت فما أخطأ القدر
غيره:
لا تعاشر إلاّ الأكابر واعلم ... أنَّ في عشرة الصغار صغارا
غيره:
يا ليل طل يا شوق دم: ... إني على الحالين صابر!
غيره:
يفر من المنية كل حينٍ ... وما يغنى عن الموت الفرار!
غيره:
يلقى الحسود تجلدي فيسوءه ... إني على ريب الحوادث أصبر
غيره:
يمينك منها اليمن واليسر في اليسرى ... فبشرى لمن يرجو الندى منهما بشرى!
غيره:
ينال الفتى ما لم يؤمل وربما ... أتاحت له الأيام ما لم يحاذر
غيره:
ينسى صنائعه وعده ... ويبيت في إنجازه يتفكر
وقال أبو الأسود:
وإنَّ أحق الناس إنَّ كنت شاكراً ... بشكرك من أعطاك والوجه وافر
وتقدم تمام هذا الشعر وسببه.
ومثله قول الآخر:
وفتى خلا من ماله ... ومن المروءة غير خالِ
أعطاك قبل سؤاله ... كفاك مكروه السؤال
وقول أبي تمام:
وما أبالي وخير القول أصدقه ... حقنت لي ماء وجهي أو حقنت دمي!
وقول أبي نواس:
إذا العشرون من شعبان ولت ... فواصل شرب ليلك بالنهار
ولا تشرب بأقداح صغار: ... فقد ضاق الزمان على الصغار!
يضربه الواعظ السادة الصوفية عندما يدبر الشباب ويقبل المشيب، ويكاد يذوي الغصن الرطيب، في الإكثار من القربات، والجد في العمل، وتلافي الخير قبل فوات الأجل، وكذا ما يشبه من كل ما يطلب اغتنام الفرصة فيه قبل فواته.
وقال أيضاً:
ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر ... ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر
وبح باسم من تهوى ودعني من الكنى: ... فلا خير في اللذات من دونها ستر!
وإنّما قال: وقل لي هي الخمر، لأنه إذا سمعها عندما نظر إليها التذ مسمعه باسمها، ومنظره بشخصها، وأشرابت نفسه إليها، فتلقتها بأعظم لذة.
وقال أبو تمام حبيب بن أوس الطائي من قصيدة:
لا شيء ضائر عاشق، فإذا نأى ... عنه الحبيب فكل شيء ضائره
ومنها:
أبكر فقد بكرت عليك بمدحه ... غرر القصائد: خير أمرٍ باكره
ومنها:
وإذا الفتى المامول انجح عقله ... في نفسه ونداه أنجح شاعره
وقال أيضاً:
عفت آياتهن وأي ربعٍ ... يكون له على الزمن الخيار
ومنها:
كذاك لكل سائلةٍ قرار
وبعده:
مضى الأملاك وانقرضوا وأضحت ... سراة ملوكنا وهم تجار
وقوف في الظلام الذم تحمى ... دراهمهم ولا يحمي الذمار
فلو ذهبت سنات الدهر عنه وألقي عن مناكبه الدثار
لعدل قسمة الأيام فينا ... ولكن دهرنا هذا حمار!
ومنها:
وأي النار ليس له شرار؟
ومنها:
وكان المطل في بدءٍ وعودٍ ... دخلنا للصنيعة وهي نار
نسيب البخل مذ كان وإلاّ ... يكن نسب فبينهما جوار
لذلك قيل بعض المنع أدنى ... إلى مجدٍ وبعض الجود عار
وقال أيضاً:
شر الأوائل والأواخر ذمة ... لم تصطنع وصنيعة لم تشكر
وقال أيضاً:
إنَّ الكرام كثير في البلاد وإنَّ ... قلوا كما غيرهم قلو وإنَّ كثروا
لا يدهمنك من دهمائهم عدد ... فإنَّ جلهم أو كلهم بقر
وكلما أمست الأخطار بينهم ... هلكى تبين من أمسى له خطر
لو لم تصادف شيات البهم أكثر ما ... في الخيال لم تحمد الأوضاح والغرر
ومنها:
بالشعر طول إذا أصطكت مصادره ... في معشر وبه قصر
وقال أيضاً:
والبخل حلو ولكن غبه مضر ... فاكظم فلا إلاّ وزنبرو!
وقال أيضاً يرثي بن حميد:
فاثبت في مستنقع الموت رجله ... وقال لها: من تحتك أخمص الحشر
غدا غدوة والحمد نسج ردائه ... فلم ينصرف إلاّ وأكفانه الأجر
تردى ثياب الموت حمراً فما أتى ... لها الليل إلاّ وهي من سندس خضر!
وقال أيضاً من أخرى:
سيأكلنا الدهر الذي غال من مضى ... ولا تنقضي الأشياء أو يوكل الدهر
وأكثر حالات أبن آدم خلفة ... يضل إذا فكرت في كنهها الفكر
فيفرح بالشيء المعار بقاؤه ... ويحزن لمّا صار وهو له ذخر
عليك بثوب الصبر إذ فيه ملبس ... فإنَّ ابنك المحمود بعد ابنك الصبر
وما أوحش الرحمان ساحة عبده ... إذا عاشر الجلى ومؤنسه الأجر!
وقال أيضاً:
إنّما البشر روضة فإذا كان ... ببذل فروضة وغدير
فاقسم اللحظ بيننا إنَّ في اللحظ ... لعنوان ما يجن الضمير!
وقال أيضاً:
فلا تمكن المطل من ذمة الندى ... فبئس أخو الأيدي الغزار وجارها
فإنَّ الأيادي الصالحات كبارها ... إذا وقعت تحت المطال صغارها
وما نفع من قد مات بالأمس صاديا ... إذا ما سماء اليوم طال انهمارها
وما العرف بالتسويف إلاّ كنخلة ... تسليت عنها حين شط قرارها
وخير عادات الحر مختصراتها ... كما إنَّ خيرات الليالي قصارها
وقال أيضاً:
وما القفر بالبيد الخواء بل التي ... نأت بي وفيها ساكنوها هي القفر
ومن قامر الأيام على ثمراتها ... فأحجم بها أن تنجلي ولها القمر
فإن كان ذنبي أن أحسن مطلبي ... أساء ففي سوء القضاء لي العذر
ومنها:
هل المجد إلاّ الجود والبأس والشعر
وقال أبو الطيب:
وما في سطوة الأرباب عيبٌ ... ولا في ذلة العبدان عار
وقال أيضاً:
إني لأعلم واللبيب خبير ... أنَّ الحياة وإن حرصت غرورُ
ورأيت كلاً ما يعلل نفسه ... بتعلة وإلى الفناء يصير
ومنها:
إنَّ المحب على البعاد يزور
وبعده:
وقنعت باللقيا وأوّل نظرةٍ ... إنَّ القليل من الحبيب كثيرُ
وقال أيضاً:
فلو كنت امرءاً تهجى هجونا ... ولكن ضاق فترٌ عن مسيرِ
الفتر بالكسر: ما بين طرف الإبهام وطرف السبابة إذا فتحتها. وضربه مثلا.
وقال أيضاً:
ذر النفس تأخذ وسعها قبل بينها ... مفترق جاران دارهما عمرُ
ولا تحسبن المجد زقاً وقينةً ... فما المجد إلاّ السيف والفتكة البكرُ
وتضريب أعناق الملوك وأن ترى ... لك الهبوات السود والعسكر المجرُ
وتركك في الدنيا دوياً كأنما ... تداول سمع المرء أنمله العشرُ
إذا الفضل لم يرفعك عن شكر ناقصٍ ... بلاهبةٍ فالفضل فيمن له الشكرُ
ومن ينفق الساعات في جمع ماله ... مخافة فقرٍ فالذي فعل الفقرُ
ومنها:
وإني مثل قول الحكيم: أعظم ما على الإنسان إعظام ذوي الدناءة. ونحو البيت الأول قول الحكيم: من قصر عن أخذ لذاته عدمها وعدم صحة جسمه. ونحو السادس قول الحكيم: من أفنى مدته في جمع المال خوف العدم فقد اسلم نفسه إلى العدم.
ونظم أبن شرف معنى البيت الأخير فقال:
ومنفق العمر في الأموال يجمعها ... مستعجل فقره لوما وتسفيلا
غيره:
ومن جهلت نفسه قدره ... رأى غيره منه ما لا يرى
وقال فيه أبن شرف:
وكل من ليس يدري كنه قيمته ... فالناس فيه يحقون الأقاويلا
غيره:
طوى الدهر ما بيني وبين محمدٍ ... وليس لمّا تطوي المنية ناشر
وقال أبن شرف:
قد يوصل الشيء مقطوعا وما قطعت ... يد المنون فلن تلقاه موصولا
غيره:
من عاش أخلقت الأيام جدته ... وخانه ثقاته: السمع والبصر
وقال أبن شرف:
ومثال يطل عمره يفقد أحبته ... حتى الجوارح والصبر الذي عيلا
غيره:
عليَّ نحت المعاني من معادنها ... وما عليَّ إذا لم تفهم البقر!
وينشد:
عليَّ نحت القوافي من مقاطعها ... وما عليَّ لهم أن تفهم البقرُ!
وقال أبن شرف:
وناطقٍ بصوابٍ ما عليه سوى ... ما قال إن أخطئوا ظناً وتأويلا
مصادر و المراجع :
١- زهر الأكم في الأمثال
والحكم
المؤلف: الحسن بن
مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)
المحقق: د محمد
حجي، د محمد الأخضر
الناشر: الشركة
الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب
الطبعة: الأولى،
1401 هـ - 1981 م
2 مايو 2024
تعليقات (0)