المنشورات
كل فتاةٍ بأبيها معجبةٌ.
وسيأتي.
ولنذكر بعض الشعر في هذا الباب. قال أبن الرومي:
خير ما استعصمت به الكف عضبٌ ... ذكرٌ حده أنبث المهزِّ
ما تأملته بعينيك إلا ... أرعت صفحاته من غير هزِّ
مثله أفزع الشجاع إلى الدرع ... فغالى بها على كل بزِّ
ما يبالي أصممت شفرتاه ... في محزٍّ أم حارتاً عن محزِّ
وقال أبو الطيب يمدح علي بن صالح الروذباري:
ليس كل السراة بالروذ باري ... ولا كل من يطير ببازِ
وقال الآخر:
إذا ما اعتز ذو علم بعلمٍ ... فعلم الفقه أشرف في اعتزاز
فكم طيب يفوح ولا كمسكٍ ... وكم طير يطير ولا كباز
وقال بعض السادة:
رجال الله قد سعدوا وفازو ... ونالوا رحمة المولى وحازوا
رجالٌ طلقوا لادنيا بتاتا ... ولو جاز الرجوع لمّا استجازوا
بدا علم النجاة فميزوه ... يحركهم بدار وانحفازُ
فبعضٌ تشرق الأمطار منه ... وبعضٌ تستنير به النفازُ
تميز كل ذي دنيا بدنيا ... وهم لهم بدينهم امتيازُ
وما عزوا بمخلوق ولكن ... لهم بالخالق الأحد اعتزازُ
أردت لحاقهم فعجزت عنهم ... وحدت عن الإجازة إذ أجازوا
أتطمع في اللحاق ولا نهوضٌ ... وتفرح بالرحيل ولا حفازُ؟
وأنت أخوهم نسباً ولكن ... طرازٌ فوقه ذاك الطرازُ
دع الدنيا فلست لهم بندٍّ ... وهل تخفى الحقيقة والمجازُ؟
وقال الآخر:
لي صديق هو عندي عوزٌ ... من سداد لا سداد من عوز
وجهه يذكرني دار البلا ... كلما أقبل نحوي وغمز
وإذا جالسني جر عني ... عصص الموت بكربٍ وعلز
يصف الود إذا شاهدني ... فإذا غاب وشى بي وهمز
كحمار السوء يبدي مرحاً ... وإذا سيق إلى الحمل غمز
ليتني أعطيت منه بدلاً ... بنصيبي شر أولاد المعز
قد رضينا بيضةً فاسدةً ... عوضاً منه إذا البيع نجز
العوز بفتحتين: الحاجة. تقول: عوز الشيء بالكسر أي لم يوجد. وسداد الشيء: ما يسد به. تقول: هو سداد من عوز ووجدت سدادا من عيش أي ما تسد به الخلة وهو بكسر السين والفتح ضعيف أو لحن. والسداد بالفتح: الصواب. والعلز بفتحتين: القلق والضيق. تقول: علز بالكسر علزا في مرضه.
وقال الآخر:
أرضنا اللت آوت ذوي الفقر والذل ... فاضوا ذوي غنى واعتزاز
قوله: اللت بسكون التاء لغة في التي الموصول.
وقال أبن الرومي:
وحديثهما السحر الحلال لو أنه ... لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ... ود المحدث إنما لم توجز
شرك العقول ونزهةٌ ما مثلها ... للمطمئن وعقلة المستوفز
ونحوه في ذكر الحديث قول الآخر:
وحديثها كالقطر يسمعه ... راعي سنين تتابعت جدبا
فأصاخ يرجو أن يكون حياً ... ويقول من فرحٍ هيا ربَّا!
وقول الآخر:
فبتنا على رغم الحسود وبيننا ... حديثٌ كمثل المسك شيبت به الخمرُ
حديثٌ لو أنَّ الميت نودي ببعصه ... لأصبح حياً بعدما ضمه القبرُ
وقول الآخر:
منعمةٌ يحار الطرف فيها ... كأنَّ حديثها سكر الشرابِ
من المتصديات لغير سوءٍ ... تسيل إذا مشت سيل الحبابِ
وقول الآخر:
وكنت إذا ما زرت سعدى بأرضها ... أرى الأرض تطوي لي ويدنو بعيدها
من الخفرات البيض ود جليسها ... إذا ما انقضت أحدوثةٌ لو تعيدها
وتقدمت قصة هذا الشعر. وقول بشار:
وكأنَّ رفض حديثها ... قطع الرياض كسين زهرا
وكأنَّ تحت لسانها ... هاروت ينفث فيه سحرا
وتخال ما جمعت عليه ... ثيابها ذهباً وعطرا
وكأنها برد الشراب ... صفا ووافق منك فطرا
وفي استكراه الحديث قول أبي علي البصير:
غنائك عندي يميت الطرب ... وضربك بالعود يحيي الكرب
ولم أر قبلك من قينةٍ ... تغني فأحسبها تنتحب
ولا شاهد الناس أنسية ... سواك لها بدن من خشب
ووجهٌ رقيبٌ على نفسه ... ينفر عنه عيون الريب
ولو مازج النار في حرها ... حديثك أخمد منه اللهب
فكيف تصدين عن عاشقٍ ... يودك لو كان كلباً كلب
وقال الآخر:
أويت في الدهليز مذ أربعٍ ... ولم أكن آوي الدهاليزا
خبزي من السوق وشعري لكم ... تلك لعمري قسمةٌ ضيزا
وقالت أنا:
إذا كنت مرتاداً أخاً ذا صداقةٍ ... فلا تصحبن إلا البقال أنت رائزُ
فعيب الفتى غيبٌ إذا تركته ... وعند احتكاك الجدل تبدو الغرائزُ
وإنَّ إخلاء الرفاهة جمةٌ ... ولكن إخوان الكروب معاوزُ
وقلت على وجه التلميح والمطايبة لبعضهم:
أتهمز يا أبن الأسود اسمي آفكاً ... فهل حسن لولا الضلالةُ يهمزُ؟
نعم تهمز الأنذال مثلك كلما ... تعاورها نظم القريض وتلمزُ
فهل أنت عن تلك السفاهة مقصرٌ ... فتنجو من سيل له أنت مركزُ؟
وإلا فبحري لا تدركه الدلا ... ومتن قناتي لا يرى فيه مغمزُ
توافيك مني بكرة وعشية ... قوافي بها طمر الهجاء يطرزُ
على أنَّ هجو النذل مثلك شائنٌ ... وما الهجو إلاّ الهجو للكفء يبرزُ
وإذ لست بالكفء الكريم فلا يكن ... بقلبك مني أو لحائي معلزُ
ولعل هذا القدر يكفينا من هذا الباب. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
مصادر و المراجع :
١- زهر الأكم في الأمثال
والحكم
المؤلف: الحسن بن
مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)
المحقق: د محمد
حجي، د محمد الأخضر
الناشر: الشركة
الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب
الطبعة: الأولى،
1401 هـ - 1981 م
3 مايو 2024
تعليقات (0)