المنشورات
أسرع من نكاح أم خارجة.
السرعة بالضم والسرع بفتحتين والسرع بوزن عنب ضد البطء. سرع الرجل بالضم فهو سريع؛ وأسرع أيضاً فهو مسرع. قيل: وأصل الرباعي التعدي بنفسه أي أسرع نفسه أو مشيه كما في الحديث: فليسرع المشي! لكنه يحذف لظهوره.
والنكاح بالكسر: الوطء والعقد أيضاً. يقال: نكحها ينكح بالفتح والكسر؛ ونكحت هي أيضاً فهي ناكح أي ذات زوج قال تعالى: حتى تنكح زوجا غيره. وقال الشاعر:
لصلصلة اللجام برأس طرفٍ ... أحب إلي من أن تنكحيني
واستنكحها بمعنى نكحها؛ وأنكحها: زوجها والاسم منه النكح بالكسر والضم وهي كلمة كانت العرب تتزوج بها. يقول الخاطب: خطبٌ بكسر الخاء وضمها ويقول المخطوب: نكح بكسر النون أيضاً وضمها؛ وأم خارجة امرأة من بجيلة ولدت قبائل كثيرة من العرب واسمها عمرة بنت سعد وخارجة ابنها.
قال في الصحاح: ولا يعلم ممن هو ويقال هو خارجو بن بكر بن يشكر بن عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان. وكانت أم خارجة من الشهوة والشبق إلى الرجال في غاية. فكان يقال لها: خطبٌ فتقول: نكحٌ فقالوا: أسرع من نكاح إم خارجة.
ويحكى أنَّ السيد الحميري خرج يوما سكران، فلقي بنت فجاءة بن عمرو بن قطري الخارجية، وكانت حسناء. فأوقفها وانشد من شعره، فأعجب كل واحد منهما صاحبه ثم خطبها، فقالت: كيف يكون هذا ونحن على ظهر الطريق؟ قال: يكون كنكاح أم خارجة، قيل لها: خطب، قالت: نكح. فاستضحكت وقالت: ننظر في هذا، وعلى ذلك فمن أنت؟ فقال:
إنَّ تسأليني بقومي تسألي رجلاً ... في ذروة العز من أجواد ذي يمن
ثم الولاء الذي أرجو النجاة به ... من كبة النار للهادي أبي حسن
فقالت: لا شيء أعجب من هذا: يماني وتميمية، ورافضي وإباضية، فكيف يجتمعان؟ فقال: بحسن رأيك في تسخو نفسك، ولا يذكر أحدنا سلفا ولا مذهبا. قالت: أفليس التزويج إذا علم انكشف معه المستور؟ قال: إنّما أعرض عليك. قالت وما هي؟ قال: المتعة التي لا يعلم بها أحد. قالت: تلك أخت الزنى. قال: تلك أخت الزنى. قال: أعيذك بالله إنَّ تكفري بعد الإيمان! قالت: وكيف؟ قال لها:) فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة (. فقالت: استخير الله وأقلدك إذ كنت صاحب قياس وتفتيش. فانصرفت معه وبات معرسا بها. وبلغ أهلها من الخوارج أمرها، فتوعدوها بالقتل وقالوا: تزوجت بكافر. فجحدت وكانت تخلف إليه مرة وتواصله.
قلت: وأين هاتان المرأتان من أم حكيم الخارجية؟ وكانت اجمل نساء زمانها ومن أشجع الناس وأحسنهم بديهة. خطبها جماعة من أشراف الخوارج، فردتهم. وهي القائلة
ألا إنَّ وجها حسن الله خلقه ... لأجدر أنَّ تلقى به الحسن جامعا
وأكرم هذا الحرم عن أنَّ يناله ... تورك فحل همه أنَّ يجامعا
وكانت مع قطري بن الفجاءة في عسكر الأباضية. فكانت ترتجز في تلك الحروب وتقول:
أحمل رأساً قد سئمت حمله ... وقد مللت دهنه وغسله
ألا فتى يحمل عني ثقله؟
والخوارج يفدونها بالآباء والأمهات. وكان قطري يشبب بها وفي ذلك يقول في وقعة دولاب:
لعمرك إني في الحياة لزاهدٌ ... وفي العيش ما لم ألق أم حكيمِ
من الخفرات البيض لم ير مثلها ... شفاء لذي بث ولا لسقيمِ
لعمرك إني يوم ألطم وجهها ... على نائبات الدهر جد لئيمِ
ولو شهدتني يوم دولاب أبصرت ... طعان فتى في الحرب غير ذميمِ
غداة طفت علماء بكر بن وائل ... وعجنا صدور الخيل نحو تميمِ
فلم أر يوما كان أكثر مقطعاً ... يمج دماً من فائضٍ وكليمِ
وضاربةٍ خداً كربواً على فتى ... أغر نجيب الأمهات كريمِ
أصيب بدولاب ولم يك موطناً ... له أرض دولاب ودير حميمِ
فلو شهدتني يوم ذاك وخيلنا ... تبيح من الكفار كل حريمِ
رأت فتية باعوا الإله نفوسهم ... بجنات عدنٍ عنده ونعيمِ
مصادر و المراجع :
١- زهر الأكم في الأمثال
والحكم
المؤلف: الحسن بن
مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)
المحقق: د محمد
حجي، د محمد الأخضر
الناشر: الشركة
الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب
الطبعة: الأولى،
1401 هـ - 1981 م
3 مايو 2024
تعليقات (0)