المنشورات

أشأم من غراب البين.

غراب البين قيل هو الحمر النقار والرجلين وقيل الأبقع منها وهو الذي في صدره بياض. قال عنترة:
ضعن الذين فراقهم أتوقع ... وجرى بينهم الغراب الأبقعُ
وإنّما قال ذلك لأنه سمع نعيبه قبل رحيلهم فتشاءم به والعرب تتشاءم به. وسموه غراب بين لأنه بان عن نوح عليه السلام لمّا وجهه لتنظر إلى الماء فذهب ولم يرجع ولذلك تشاءموا به. وقيل لأنّه ينعب في منازلهم إذا بانو عنها وينزل في مواضع إقامتهم إذا ارتحلوا منها. فلما كان يوجد عند بينونتهم اشتقوا له اسما من البينونه وتشاءموا به لإنذاره بالبين وإعلامه بالفراق من كلام عنترة. وعلى هذا كل غراب فهو غراب البين. وقد قيل إنّما اشتقت الغربة والاغتراب والغريب من الغراب وأهل الزجر يلمحون ذلك ويتطيرون به كما قال قائلهم:
وصاح غرابٌ فوق أعواد بانةٍ ... بأخبار أحبابي فقسمني الفكر
فقلت: غراب لاغترابٍ وبانةٌ ... ببين النوى تلك العيافة والزجرُ
وهبت جنوبٌ باجتنابي منهم ... وهاجت صباً قلت: الصبابةُ والهجر!
وقال الإمام المقدسي في وصف غراب البين: هو غراب أسود ينوح نوح الحزين المصاب وينعق بين الخلان والأحباب إن رأى شملا مجتمعا أنذر بشتاته ربعاً عامرا أنذر بخرابه ودروس عرصاته يعرف النازل والساكن بخراب الدور والمساكن ويحذر الآكل غصة المأكل ويبشر الراحل بقرب المراحل ينعق بصوت فيه تحزين كما يصيح بالتأذين. وأنشد على لسان حاله:
أنوح على ذهاب العم مني ... وحق أن أنوح وأن أنادي
وأندب كلما عاينت ربعاً ... حدا بهم أوشك البين حادي
وتقدم تمام هذه القصيدة في الدال.












مصادر و المراجع :

١- زهر الأكم في الأمثال والحكم

المؤلف: الحسن بن مسعود بن محمد، أبو علي، نور الدين اليوسي (المتوفى: 1102هـ)

المحقق: د محمد حجي، د محمد الأخضر

الناشر: الشركة الجديدة - دار الثقافة، الدار البيضاء - المغرب

الطبعة: الأولى، 1401 هـ - 1981 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید