المنشورات

وقيعة ملك الهياطلة بيزدجرد

: كانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ، ثم نزلت بابل، ثم نزل أردشير ابن بابك فارس، فصارت دار مملكتهم، وصار بخراسان ملوك الهياطلة وهم الذين قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس، وكان غزاهم؛ فكاده ملك الهياطلة بأن عمد إلى رجل ممن عرفه بالمكايدة وحسن الإدارة، فأظهر السخط عليه وأوقع به على أعين الناس توقيعا قبيحا ونكّل به تنكيلا شديدا. ثم أرسله وقد واطأه «2» على أمر أبطنه معه وظاهره عليه فخرج حتى أتى فيروز في طريقه، فأظهر النزوع «3» إليه والاستنصار به من عظيم ما ناله. فلما رأى فيروز ما به من التوقيع والنكاية فيه، وثق به واستنام إليه. فقال: أنا أدلك أيها الملك على غرة القوم وعورتهم وأعلمك مكان غفلتهم. فسلك به سبيل مهلكة معطشة؛ ثم خرج إليه ملك الهياطلة فأسره وأكثر أصحابه، فسألهم أن يمنوا عليه وعلى من معه، وأعطاهم موثقا لا يغزوهم أبدا، ونصب لهم حجرا جعله حدا بينه وبينهم، وحلف لهم ألّا يجاوزه هو ولا جنوده، وأشهد الله عليه وعلى من حضر من قرابته وأساورته؛ فمنّوا عليه وأطلقوه ومن معه.
فلما عاد إلى مملكته أخذته الأنفة مما أصابه، فعاد إلى غزوهم ناكثا لعهده غادرا بذمته، إلا أنه تلطف في ذلك بحيلة ظنّها مجزئة في أيمانه، فجعل الحجر الذي نصبه لهم على فيل في مقدّمة عسكره، وتأوّل في ذلك أنه لا يجاوزه فلما صار إليهم ناشدوه الله وذكّروه الأيمان به، وما جعل على نفسه من عهده وذمته، فأبى إلا لجاجا «1» ونكثا. فواقعوه فظفروا به فقتلوه وقتلوا حماته واستباحوا عسكره.
للنبي صلّى الله عليه وسلّم
: أسامة بن زيد الّليثي قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم «إذا غزا أخذ طريقا وهو يريد أخرى، ويقول: الحرب خدعة» .















مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید