المنشورات

وفود حاجب بن زرارة على كسرى

العتبي عن أبيه: أن حاجب بن زرارة وفد على كسرى لما منع تميما من ريف العراق، فاستأذن عليه، فأوصل إليه فقال: أسيّد العرب أنت؟ قال: لا. قال: فسيّد مضر؟ قال: لا. قال: فسيّد بني أبيك أنت؟ قال: لا. ثم أذن له فدخل عليه. قال:
من أنت؟ قال: سيد العرب! قال: أليس قد أوصلت إليك: أسيّد العرب أنت؟
فقلت: لا، حتى اقتصرت بك على بني أبيك، فقلت: لا؟ قال له: أيها الملك، لم أكن كذلك حتى دخلت عليك، فلما دخلت عليك صرت سيد العرب. قال كسرى:
زه «3»
! املئوا فاه درّا. ثم قال: إنكم معشر العرب غدر، فإن أذنت لكم أفسدتم البلاد، وأغرتم على العباد، وأذيتموني. قال حاجب: فإني ضامن للملك ألّا يفعلوا.
قال: فمن لي بأن تفي أنت؟ قال: أرهنك قوسي. فلما جاء بها ضحك من حوله وقالوا: لهذه العصا يفي! قال كسرى: ما كان ليسلمها لشيء أبدا. فقبصها منه، وأذن لهم أن يدخلوا الريف.
ومات حاجب بن زرارة، فارتحل عطارد بن حاجب إلى كسرى يطلب قوس أبيه؛ فقال له: ما أنت الذي رهنتها! قال: أجل. قال: فما فعل؟ قال. هلك، وهو أبي، وقد وفى له قومه ووفى هو للملك. فردّها عليه وكساه حلة.
فلما وفد إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم عطارد بن حاجب، وهو رئيس تميم، وأسلم على يديه، أهداها للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فلم يقبلها؛ فباعها من رجل من اليهود بأربعة آلاف درهم.
ثم إن مضر أتت النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا رسول الله، هلك قومك وأكلتهم الضّبع.
يريدون الجوع- والعرب يسمّون السّنة الضّبع والذئب. قال جرير:
من ساقه السنة الحصّاء والذّيب «1»
فدعا لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم فأحيوا، وقد كان دعا عليهم فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر، وابعث عليهم سنين كسني يوسف.










مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید