المنشورات

أنواع القبل:

وقالوا قبلة الإمام في اليد، وقبلة الأب في الرأس، وقبلة الأخ في الخدّ، وقبلة الأخت في الصدر، وقبلة الزوجة في الفم.
من كره من الملوك تقبيل اليد
هشام ورجل قبل يده:
العتبي قال: دخل رجل على هشام بن عبد الملك فقبّل يده، فقال أفّ له، إن العرب قبّلت الأيدي إلا هلوعا «1» ، ولا فعلته العجم إلا خضوعا.
واستأذن رجل المأمون في تقبيل يده، فقال له: إنّ قبلة اليد من المسلم ذلّة، ومن الذّمّيّ خديعة؛ ولا حاجة بك أن تذلّ، ولا بنا أن نخدع.
بين المهدي وأبي دلامة في مثله:
واستأذن أبو دلامة الشاعر المهديّ في تقبيل يده، فقال: أمّا هذه فدعها قال: ما منعت عيالي شيئا أيسر فقدا عليهم من هذه.
حسن التوقيع في مخاطبة الملوك
قال هارون الرشيد لمعن بن زائدة: كيف زمانك يا معن؟ قال: يا أمير المؤمنين، أنت الزمان؛ فإن صلحت صلح الزمان، وإن فسدت فسد الزمان.
بين الرشيد وابن سلم في مثله:
وهذا نظير قول سعيد بن سلم، وقد قال له أمير المؤمنين الرشيد: من بيت قيس في الجاهلية؟ قال: يا أمير المؤمنين، بنو فزارة. قال: فمن بيتهم في الإسلام؟ قال: يا أمير المؤمنين، الشريف من شرّفتموه. قال: صدقت! أنت وقومك.
ودخل معن بن زائدة على أبي جعفر، فقال له كبرت يا معن. قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين. قال: وإنك لجلد! قال: على أعدائك يا أمير المؤمنين. قال: وإنّ فيك لبقيّة. قال هي لك يا أمير المؤمنين. قال: أي الدولتين أحب إليك أو أبغض، أدولتنا أم دولة بني أمية؟ قال: ذلك إليك يا أمير المؤمنين، إن زاد برك على برهم كانت دولتك أحبّ إليّ، وإن زاد برهم على برك كانت دولتهم أحبّ إليّ. قال: صدقت.
قال هارون الرشيد لعبد الملك بن صالح، أهذا منزلك؟ قال: هو لأمير المؤمنين ولي به. قال: كيف ماؤه؟ قال: أطيب ماء. قال: فكيف هواؤه؟ قال: أصحّ هواء.
قال أبو جعفر المنصور لجرير بن يزيد: إني أردتك لأمر. قال: يا أمير المؤمنين قد أعدّ الله لك مني قلبا معقودا بطاعتك، ورأيا موصولا بنصيحتك، وسيفا مشهورا على عدوّك؛ فإذا شئت فقل.
وقال المأمون لطاهر بن الحسين: صف لي ابنك عبد الله. قال: يا أمير المؤمنين إن مدحته عبته، وإن ذممته اغتبته، ولكنه قدح «1» في كفّ مثقّف ليوم نضال في خدمة أمير المؤمنين.
وأمر بعض الخلفاء رجلا بأمر؛ فقال: أنا أطوع لك من الرّداء، وأذلّ لك من الحذاء.
وقال آخر: أنا أطوع لك من يدك، وأذلّ لك من نعلك.
وهذا قاله الحسن بن وهب لمحمد بن عبد الملك الزيات.
وقال المنصور لمسلم بن قتيبة: ما ترى في قتل أبي مسلم؟ قال: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا
«2» . قال: حسبك أبا أمية.
وقال المأمون ليزيد بن مزيد: ما أكثر الخلفاء في ربيعة! قال: بلى، ولكنّ منابرهم الجذوع.
وقال المنصور لإسحاق بن مسلم: أفرطت في وفائك لبني أمية. قال: يا أمير المؤمنين، إنه من وفى لمن لا يرجى كان لمن يرجى أوفى.
الرشيد وابن صالح:
وقال هارون لعبد الملك بن صالح: صف لي منبج. قال: رقيقة الهواء، لينة الوطاء. قال: فصف لي منزلك بها. قال: دون منازل أهلي، وفوق منازل أهلها. قال:
ولم وقدرك فوق أقدارهم؟ قال: ذلك خلق أمير المؤمنين أتأسّى به، وأقفو أثره، وأحذو مثاله.
المأمون وغلام في الديوان:
ودخل المأمون يوما بيت الديوان، فرأى غلاما جميلا على أذنه قلم، فقال: من أنت يا غلام؟ قال: أنا الناشيء في دولتك، والمتقلّب في نعمتك، والمؤمّل لخدمتك، الحسن بن رجاء. قال المأمون: بالإحسان في البديهة تفاضلت العقول؛ ارفعوا هذا الغلام فوق مرتبته.
المتوكل وابن الجهم في رأس إسحاق بن اسماعيل:
علي بن يحيى قال: إني عند المتوكل حين دخل عليه الرسول برأس إسحاق بن إسماعيل، فقام علي بن الجهم يخطر «1» بين يدي المتوكل ويقول:
أهلا وسهلا بك من رسول ... جئت بما يشفي من الغليل
برأس إسحق بن إسماعيل
فقال المتوكل: قوموا التقطوا هذا الجوهر لئلا يضيع.
ودخل عقّال بن شبّة على أبي عبيد الله كاتب المهدي، فقال: يا بن عقّال، لم أرك منذ اليوم! قال: والله إني لألقاك بشوق، وأغيب عنك بتوق «2» .
وقال عبد العزيز بن مروان لنصيب بن رباح- وكان أسود-: يا نصيب هل لك فيما يثمر المحادثة؟ يريد المنادمة. فقال: أصلح الله الامير، اللون مرمّد، والشعر مفلفل، ولم أقعد إليك بكريم عنصر، ولا بحسن منظر، وإنما هو عقلي ولساني؛ فإن رأيت ألّا تفرق بينهما فافعل.
ولما ودّع المأمون الحسن بن سهل عند مخرجه من مدينة السلام، قال له: يا أبا محمد، ألك حاجة تعهد إليّ فيها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أن تحفظ عليّ من قلبك ما لا أستعين على حفظه إلا بك.
وقال سعيد بن مسلم بن قتيبة للمأمون: لو لم أشكر الله إلا على حسن ما أبلاني في أمير المؤمنين من قصده إليّ بحديثه، وإشارته إليّ بطرفه، لكان ذلك من أعظم ما توجبه النّعمة، وتفرضه الصنيعة. قال المأمون: ذلك والله لأن الأمير يجد عندك من حسن الإفهام إذا حدثت، وحسن الفهم إذا حدّثت، ما لا يجده عند غيرك.













مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید