المنشورات

لباس الصوف

حماد وفرقد
: قدم حماد بن سلمة البصرة فجاء فرقد السبخي وعليه ثياب صوف، فقال له حماد:
ضع عنك نصرانيّتك هذه، فلقد رأيتنا ننتظر إبراهيم، فيخرج علينا وعليه معصفرة، ونحن نرى أن الميتة قد حلت له!
ابن واسع وقتيبة
: قال أبو الحسن المدائني: دخل محمد بن واسع على قتيبة بن مسلم والي خراسان وعليه مدرعة «4» صوف، فقال له قتيبة: [ما يدعوك إلى لبس هذه؟ فسكت؛ فقال له قتيبة] : أكلمك فلا تجيبني! قال: أكره أن أقول زهدا فأزكي نفسي، أو أقول فقرا فأشكو ربي.
وقال ابن السماك لأصحاب الصوف: والله لئن كان لباسكم وفقا لسرائركم لقد أحببتم أن يطلع الناس عليها، ولئن كان مخالفا لها قد هلكتم.
وكان القاسم بن محمد يلبس الخز، وسالم بن عبد الله يلبس الصوف، ومقعدهما واحد في مسجد المدينة. فلا ينكر بعضهما على بعض شيئا.
وقال محمود الوراق في أصحاب الصوف:
تصوّف كي يقال له أمين ... وما يعني التصوّف والأمانه؟
ولم يرد الإله به ولكن ... أراد به الطريق إلى الخيانه
التزين والتطيب
دخل رجل على محمد بن المنكدر يسأله عن التزين والطيب فوجده قاعدا على حشايا مصبغة، وجارية تغلفه بالغالية؛ فقال له: يرحمك الله، جئت أسألك عن شيء فوجدتك فيه! قال: على هكذا أدركت الناس.
وفي حديث: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إياكم والشعث، حتى لو لم يجد أحدكم إلا زيتونة فليعصرها وليدّهن بها» .
وقال عليه الصلاة والسلام لعائشة: «ما لي أراك شعثاء، مرهاء «1» ، سلتاء «2» ؟» .
قالت: يا رسول الله، أو لسنا من العرب؟.
قال: «بلى، ربما أنسيت العرب الكلمة فيعلمنيها جبريل» .
الشعثاء: التي لا تدهن. والمرهاء: التي لا تكتحل. والسلتاء: التي لا تختضب.
وقال صلّى الله عليه وسلّم: «ما نلت من دنياكم إلا النساء والطيب» .
وروى مالك عن يحيى بن سعيد، أن أبا قتادة الأنصاري قال: يا رسول الله، إن لي جمّة «3» ، أفأرجّلها يا رسول الله؟.
قال: «نعم، وأكرمها» .
قال: فكان أبو قتادة ربما دهنها في اليوم مرتين.
وروى مالك عن زيد بن أسلم، أن عطاء بن يسار أخبره قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المسجد، فدخل رجل ثائر الرأس واللحية؛ فأشار إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن اخرج فأصلح رأسك ولحيتك! ففعل، ثم رجع؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أليس هذا خيرا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان؟
وقد تمادحت العرب بحسن الهيئة وطيب الرائحة، فقال النابغة:
رقاق النّعال طيّب حجزاتهم ... يحيّون بالرّيحان يوم السّباسب «1»
يحيّيهم بيض الولائد بينهم ... وأكسية الإضريج بين المساحب «2»
يصونون أجسادا قديما نعيمها ... بخالصة الأردان خضر المناكب
وقال الفرزدق:
بنو دارم قومي ترى حجزاتهم ... عتاقا حواشيها رقاقا نعالها
يجرّون هدّاب اليمان كأنهم ... سيوف جلا الأطباع عنها صقالها
وقال طرفة:
أسد غيل فإذا ما شربوا ... وهبوا كلّ أمون وطمر
ثم راحوا عبق المسك بهم ... يلحفون الأرض هدّاب الأزر
وقال كثيّر عزة:
أشمّ من الغادين في كلّ حلّة ... يميسون في صبغ من العصب متقن
لهم أزر حمر الحواشي يطونها ... بأقدامهم في الحضرّميّ الملسّن
وقال آخر:
من النفر السمّ الذين إذا اعتزوا ... وهاب الرجال حلقة الباب قعقعوا
جلا الإذفر الأحوى من المسك فرقه ... وطيب الدّهان رأسه فهو أنزع «1»
إذا النّفر السّود اليمانون حاولوا ... له حوك برديه أرقّوا وأوسعوا
وقال آخر:
يشبّهون ملوكا في مجلّتهم ... وطول أنضية الأعناق والّلمم «2»
إذا غدا المسك يجري في مفارقهم ... راحو كأنهم مرضى من الكرم
وقال آخر في عليّ بن داود الهاشمي:
أمّا أبوك فذاك الجود نعرفه ... وأنت أشبه خلق الله بالجود
كأن ديباجتي خدّيه من ذهب ... إذا تعصّب في أثوابه السّود














مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید