المنشورات

السباع

يقال: إنه ليس في السباع أطيب أفواها من الكلاب، ولا في الوحش أطيب أفواها من الظباء. ويقال: ليس [شيء] أشد بخرا من الأسد والصقر، ولا في السباع أسبح من كلب؛ وليس في الأرض فحل من سائر الحيوان لذكره حجم إلا الإنسان والكلب؛ والأسد لا يأكل الحارّ ولا الحامض، ولا يدنو من النار؛ وكذلك أكثر السباع.
وتقول الروم: الأسد يذعر لصوت الذئب؛ ولا يدنو من المرأة الطامث والأسد إذا بال شغر كما يشغر الكلب وهو قليل الشرب ونجوه كنجو الكلب؛ ودواء عضته كدواء عضة الكلب.
قالوا: والعيون التي تضيء بالليل: عيون الأسد والنمور والأفاعي والسنانير.
وقالوا: ثلاثة من الحيوان ترجع في قيئها: الأسد والكلب والسّنّور.
وقالوا: تمام حمل الكلبة ستون يوما، فإن وضعت قبل ذلك لم تكد أولادها تعيش؛ وإناث الكلاب تحيض كل سبعة أيام يوما، وعلامة ذلك أن يرم ثفر «1» الكلبة، ولا تريد السفاد في ذلك الوقت، وذكور السلوقية تعيش عشرين سنة، وتعيش إناثها اثنتي عشرة سنة؛ وليس يلقي الكلب من أسنانه إلا النابين، والذئاب تسفد»
والكلاب في أرض سلوق، فتكون منها الكلاب السلوقية؛ والكلب من الحيوان يحتلم كما يحتلم الإنسان.
وقالوا في طبع الذئب محبة الدم: ويبلغ بطبعه أن يرى ذئبا مثله قد دمى، فيثب عليه فيمزقه؛ قال الشاعر:
وكنت كذئب السوء لمّا رأى دما ... بصاحبه يوما أحال على الدّم
ويقولون: ربما ينام الذئب بإحدى عينيه ويفتح الأخرى؛ قال حميد ابن ثور:
ينام بإحدى مقلتيه ويتّقي ... بأخرى الأعادي فهو يقظان نائم «3»
قالوا: والذئب أشد السباع مطالبة، وإذا عجز عوى عواء استغاثة فتسامعت به الذئاب فأقبلت حتى تجتمع على الإنسان أو غيره فتأكله؛ وليس شيء من السباع يفعل ذلك غيرها.
وقضيت الذكر من الأرانب [ربما كان] من عظم، وكذلك قضيب الثعلب والأرنب تنام مفتوحة العين.
وليس لشيء من ذكر الحيوان ثدي في صدره إلا الإنسان والفيل، ولسان الفيل مقلوب طرفه إلى داخل، وزعمت الهند أن نابي الفيل [هما] قرناه؛ يخرجان مستبطنين حتى يخرقا الحنك ويخرجان منكسين.
وقال صاحب المنطق: ظهر فيل عاش أربعمائة سنة. وحدثني شيخ لنا عن الزيادي قال: رأيت فيلا أيام أبي جعفر قيل إنه سجد لسابور ذي الأكتاف ولأبي جعفر.
والفيلة تضع في سبع سنين.











مصادر و المراجع :

١- العقد الفريد

المؤلف: أبو عمر، شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد ربه ابن حبيب ابن حدير بن سالم المعروف بابن عبد ربه الأندلسي (المتوفى: 328هـ)

الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت

الطبعة: الأولى، 1404 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید